الأحزاب تؤيد، الصحافة تعارض

TT

مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة اللبنانية تتصاعد الحملات والحملات المضادة. وثمة ظواهر لا بدّ من تسجيلها: الاولى، ان الاحزاب الرئيسية تنادي، او تؤيد التجديد للرئيس اميل لحود: حزب الكتائب، و«حزب الله»، والحزب السوري القومي. والثانية ان الصحف الرئيسية تعارض، وبعنف، المسعى الى التجديد. وتعكس كل صحيفة حريتها «الذاتية» بطريقة لبنانية نموذجية. مثلاً، في «النهار» يؤيد المؤسس ورئيس التحرير غسان تويني، الرئيس رفيق الحريري شخصياً، ويعارض التمديد لرئيس الجمهورية. ويعارض ابنه، المدير العام جبران تويني، رفيق الحريري في صمت لكنه يتزعم الحملة الصحافية على التجديد. وفي «السفير» يقف ناشرها ومؤسسها طلال سلمان على مسافة من الحريري ويعارض لحود بعنف. اما شقيقه فيصل، فهو من دائرة الحريري، وايضاً يعارض لحود بشدة.

وتعارض «الانوار» التجديد في مقالات افتتاحية يكتبها «المحرر الدبلوماسي». والشائع في البلد ان صاحب التوقيع هو ايضاً احد اصحاب «دار الصياد»، الزميل بسام فريحة. وكان بسام وجبران تويني في بداية العهد من اقرب الناس الى رئيس الجمهورية. وتعارض «الديار» التمديد. وطبعاً «المستقبل» التي يملكها الحريري. وتنقسم محطات التلفزيون ايضاً حول العملية الرئاسية. ويخوض «المعركة» او «الحرب» خبراء اعلاميون في كل الجهات. ويحظى الذين لم يعلنوا ترشيح انفسهم بالقسط الاكبر من الاهتمام الاعلامي بينما لا ينال المرشحون الرسميون او المعلنون اكثر من التغطية العادية. والمرشحون الكبار غير المعلنين هم الرئيس لحود نفسه، والاستاذ جان عبيد وزير الخارجية، والاستاذ ميشال اده، احد اعرق الحقوقيين في البلد.

ولم يقدم اده او عبيد حتى الآن على الترشيح العلني. وقد لا يقدمان، فهما يعرفان ان الفائز لا يحتاج الى فرقة موسيقية. ويتمتع كلاهما بثقة سورية واحترامها. وفيما ابتعد ميشال ادة عن الضوء ابتعاداً كلياً خوف الاحتراق، تزيد حقيبة الخارجية من لمعان جان عبيد. ويصرّ اده على انه مع التجديد وليس مرشحاً، بينما يعرف رفاق عبيد انه وضع الرئاسة نفسها هدفاً له، منذ ان بدأ العمل السياسي.

والعلاقة بين جان عبيد ودمشق، هي الاقدم قياساً بجميع المرشحين. ولعلها تعود الى اواخر الخمسينات. وترقى الى ترؤسه صحيفة لحزب «البعث» في بيروت بعد وصول الحزب الى السلطة في بغداد ودمشق. ويعتبر ميشال اده واحداً من كبار الخبراء المشرقيين في الحركة الصهيونية. وقبلها في الحركة الشيوعية. وهو مثقف بصورة استثنائية. وقد جنى من عمله القانوني في افريقيا واوروبا ثروة كبرى، يخفي مظاهرها بتواضع تقليدي. ويعتبر جان عبيد، الذي ترك الصحافة العام 1968 وهو رئيس تحرير «الصياد»، حجة في معرفة المتنبي وحفظه، كما يعتبر «شيخاً» في الشأن الاسلامي لكثرة تبحره في التراث ولكونه ذا حافظة قرآنية مشهودة، وخلال الحرب لعب الاثنان دوراً توفيقياً متشابهاً. ونأى كلاهما عن الفئوية في الصراع. وبقي الاثنان في لبنان حتى في احلك ساعات الحرب. وللرجلين علاقة عضوية بالصحافة. فالوزير اده يملك منذ سنوات صحيفة «الاوريان ـ لوجور» كبرى او اقدم الصحف الصادرة بالفرنسية، اما الوزير عبيد فقد بدأ حياته صحافياً وكاتباً قبل ان ينصرف كلياً الى رحلة الرئاسة.