جودة التعليم الجامعي

TT

اشتكى الرئيس المصري حسني مبارك قائلا «ان المسؤولية تحتم علينا ان نعترف بكل صراحة ووضوح بأن منهج التعليم النهائي في مصر لا يزال في حاجة الى قدر كبير من التطوير والتحديث». ونحن نقول اذا كان حتى رأس الدولة يشكو، بعد ان كنا نظن انه يُشتكى له وهو الذي يفترض ان يقول فيطاع، فما بالنا نحن جمهور المعلقين والمراقبين والاباء والطلاب الذين اعتدنا على التعبير عن قلقنا من المستوى المتدني جدا في مؤسسات التعليم، العام والجامعي، في انحاء العالم العربي؟

واصلاح التعليم العام والجامعي هو المشروع الضائع في زحمة الحديث عن تطوير المؤسسات الحكومية او تخصيص الخدماتية منها او اعتبار ان الديموقراطية الحل السحري الوحيد. الحل الأول ومفتاح التطور يكمن في التعليم.

والمشكلة ليست في قلة الجامعات او نقص المدارس وحسب، بل العلة الأمرّ هي في نوعية التعليم الذي تنسب له كل الأزمات التي ترونها أمامكم من فقر وبطالة وتطرف وتخلف. لذا اسعدنا ما قاله الرئيس المصري حول اهتمامه بالتعليم الجامعي نوعا، معلنا ان حكومته انتهت من إعداد مشروع القانون الاساسي لهيئة ضمان الجودة في التعليم، وانها ستكون هيئة مستقلة تتمتع بالحياد والشفافية ولها شخصية اعتبارية، واهم من ذلك انها تتبع لرئيس الجمهورية، وهنا بيت القصيد. فالدولة لا تستطيع تغيير الثابت من اوضاعها بدون سلطة تخولها ذلك. وهي كهيئة لن تستطيع ان تبحر بعيدا بدون اهتمام شخصي من رأس الدولة، وطالما انه رئيسها فان الكرة تصبح عمليا في ملعبه. ولأنه مقتنع بفكرة تطوير نوعية التعليم الجامعي ومتحمس لها فعليه ان يحارب شخصيا من اجل تنفيذ مشروعه، فوزارات الدولة أعجز من ان تقتلع او تحسن شيئا متجذرا كالتعليم، بدليل ان التعليم القديم مستمر رغم كل محاولات تغييره الماضية.

علينا ان نتخيل لو نجحت الهيئة في تحسين نوعية التعليم الذي ينضوي في فصوله اكثر من مليون طالب جامعي في مصر وكيف ستغير بذلك مستقبل البلاد. نحن لسنا حالمين لكنه ليس بأمر بعيد المنال والافكار التي قرأتها في واحدة من اوراق الهيئة تنسجم تماما مع دعوات تمزيق المنهج التعليمي الجامعي البليد ونقله الى سماوات جديدة. ففي الورقة دعوة لتطوير البرامج التعليمية ومحتويات المقررات الدراسية وموارد التعليم بشكل عام. وكذلك الاهتمام بتدريب كوادر التدريس والكوادر الإدارية، والعناية بتطوير الكليات التكنولوجية والإدارية والمعاهد الفنية المتوسطة التابعة لها. والدعوة الى إنشاء شبكة معلومات تربط بين جميع الكليات التكنولوجية مع ربط التدريب باحتياجات سوق العمل. وهناك مشروع باخضاع التعليم الجامعي كله للتقييم الدائم ضمن نظام الجودة العالمي الذي له معايير محددة. فعلى الجامعة والكلية، مثل الطالب نفسه، ان تثبت نجاحها كل عام وتجتاز اختبارات الجودة بشكل مستمر لضمان جودة الخريجين.

[email protected]