هل الارهابي هو الذي يضع حزاما ناسفا على جسمه أو الذي يفخخ سيارة فقط؟ يبدو أن تعريفا بهذا الشكل للارهاب فيه تبسيط للامور وتسطيح للعقول. الارهاب يبدأ ببذرة صغيرة تزرع في العقول لتغييبها، بذرة تحث على الرفض والتمرد والخروج عن الطاعة تدريجيا.
إن الارهاب يبدأ بالفتاوى التي تحث على عدم التعامل مع أجهزة مؤسسة من قبل ولاة أمر الدولة بحجة أنها «محرمة». والارهاب يبدأ بعدم الاعتراف بـ «يوم وطني» ولا تحية «سلام وطني»، والغريب أن نفس الشخص الذي يتبنى آراء كهذه يكون مرددا لوجوب طاعة ولي الأمر، علما أنه «بالقياس» فاليوم الوطني والنشيد الوطني يعتبران رموزا مباشرة لولي الأمر، ولكنه صورة أخرى للتناقض والتخبط الذي بات منتشرا.
هذه خلفية تذكرتها وأنا أتابع الحلقة الدعائية لمسلسل جديد بعنوان «الطريق الى كابل» والذي ستعرض فيه التجربة الافغانية والمقاتلين العرب فيها والتيارات المختلفة التي انتشرت هناك. وعمل كهذا هو من الاعمال التي توصف بالملحمة، ويتبادر السؤال الى الاذهان كم من الاعمال السينمائية أو المسلسلات التي من الممكن أن تقدم لشرح بعض المآسي والكوارث التي مرت بها السعودية وذلك من أجل الاستفادة العامة لأجيال اليوم والغد، وكنوع من التوثيق للاحداث هذه.
ألا يمكن عمل «الطريق الى الحرم» لشرح فكر جهيمان واتباعه واحتلاله للحرم وترهيبه للمصلين وترويعه للبلاد بفكر مكفر ومضلل؟ ويمكن أيضا تقديم «الطريق الى المدرسة» والذي يصف فيه حريق مدرسة البنات بمكة المكرمة وما نتج عنه من تطور كبير في نقد الصحافة السعودية. وهناك طبعا «الطريق الى مجاري جدة» ليصف أكبر مهزلة ادارية لا يزال المتسبب فيها بلا عقاب وعشرات من المرضى والموتى والخراب يشهدون على ذلك، مع عدم اغفال «الطريق الى المحيا» وكيف أن الارهاب بات يطول ابناء السعودية أنفسهم ويروعهم في بلادهم وبأيدي أبنائهم.
رؤية الخطأ عموما والارهاب تحديدا وتعريفه مطلوب وكذلك توضيح البنية الفكرية الفاسدة المسببة له ومن ثم السعي الدؤوب للقضاء عليها وذلك عبر وسائل قوية وفعالة من ضمنها وسائل اعلامية حديثة تخاطب العقل وتجاري العصر وتعرض التجربة وتفندها في محاولة نقدية هادفة وعميقة وجريئة تكون الغاية الاساسية منها مصارحة ومكاشفة استثنائية ومن ثم تقديم الحلول.
تطهير فكر بعض الاطراف من اللوث والعبث الذي اصابه وبات كالقنبلة الموقوتة في المجتمع كلما انفجر اصابت شظاياه الجميع، هو مسؤولية عامة ومشتركة، ولانجاح ذلك مطلوب تقديم واستخدام كافة الوسائل الممكنة لأن معركة من هذا النوع لا يجب خسارتها ولا يمكن تحمل نتائجها.