راجعوا قانون السامية

TT

هناك تخوف من ان يتحول قانون معاداة السامية الذي وقعته الحكومة الاميركية الى معاداة لحقوق العرب في نزاعهم مع اسرائيل. لكن رغم احتمال إساءة تفسير كلمة معاداة السامية إلا ان علينا ان نفهمه كما ورد، انه قانون رصد لا معاقبة، وثانيا إن القانون يحارب العنصرية ويفترض ان تحظى هذه المحاربة منا بالتشجيع لا التشنيع. الأجدر بنا ان نقول نعم لهذا القانون ولنطالب بتوسيع حدوده وضم من يحض على العنصرية بشكل عام، ضد المسلمين او السود او الأقليات مهما كانت. قرار كهذا سيصبح له معنى اكبر وجمهور اكثر حماسا من اختصاره على فئة واحدة من البشر.

مع هذا يجدر بنا ألا نخطئ فنخلط بين إسرائيل واليهودية، ولا بين الفكر الصهيوني القومي المتطرف والتدين اليهودي، وإلا سنقع في عنصرية فاضحة لا تختلف عن عنصرية الذين يعادون العرب والمسلمين بسبب أفعال بعضنا.

والحقيقة التاريخية التي لا يدركها كثيرون ان حماية السامية اليهودية من العنصرية التي انتشرت في اوروبا صبت في مصلحة العرب والمسلمين الذين نزحوا للقارة بالملايين بعد الحرب العالمية الثانية. ففي أعقاب هزيمة الفكر العنصري النازي، تبلورت قوانين صارمة ضد التمييز العنصري الذي يستهدف الأقليات الدينية والإثنية ومر نصف قرن جاهد خلاله المثقفون من اجل تطهير القارة من الطروحات العنصرية التي روجت لها النازية من اجل نقاء عنصرها العرقي. كما ان الحقوقيين والناشطين في قضايا العنصرية نجحوا الى حد كبير في محاصرة المنظمات العنصرية التي كانت تستهدف اليهود، وبالطبع المسلمين. والكثير مما نراه اليوم في الغرب من قوانين تحمي المساجد وتمنح المواطنين من أصول عربية او كمسلمين حقوقهم وتعاقب من يميز عرقيا او دينيا في الوظائف والحياة العامة، مرجعه تلك الحركة الانسانية التي آلت على نفسها ألا تتكرر مآسي العنصرية التي اشتهرت قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية وأودت بحياة الكثيرين، فقط لأنهم يهود او غجر او غيرهما.

ولنتذكر انه لا تزال هناك حركة عنصرية فاشية نشطة في اوروبا والولايات المتحدة تعتبر اليهود والمسلمين أهدافا فتحرض عليهم وتعيرهم باصولهم وتدعو الى مجتمع عرقي «مطهر». وهذه تستفيد من مساحة الحرية التي يكفلها المجتمع الغربي، حرية الرأي الفكري والتنظيم السياسي الذي تحتمي في ظله المنظمات العنصرية البغيضة.

وبالتالي، فان اي قانون جديد يسعى لمحاربة العنصرية، مهما كان محدودا في البداية فانه في نهاية المطاف يحقق الهدف الأسمى وهو محاربة العنصرية بكل اشكالها في انحاء العالم، وعلينا ان نتذكر ان اكثر من يعاني من التمييز البغيض اليوم هم المسلمون وهم أكثر من يحتاج اليه.

[email protected]