رسائل نكران جميل !!

TT

من المشاهد المحزنة في اعمال العنف في العراق عملية اختطاف الأجانب العاملين في المساعدات الانسانية. فهؤلاء لا علاقة لهم بالسياسة، وهم موجودون قبل وجود القوات الاميركية، وهم يقومون بمهمات انسانية رائعة فشل كثير من ابناء جلدتنا العرب بالقيام بها.

حين تترك فتاة في عمر الزهور صخب الحياة في روما او ميلانو وتذهب لعلاج اطفال عراقيين لسنوات متواصلة، تترك حياة الرغد والاطمئنان في بلدها وتتفرغ لمساعدة اطفال مرضى في ظروف حرب ومرض وحصار، ثم يقوم مجرمون باختطافها بلا رحمة، ويقوم الأطفال الذين كانت ترعاهم بمناشدة الخاطفين لاطلاق سراحها لانها كانت سبب بقاء هؤلاء الأطفال احياء، حين يحدث عمل كهذا فما الذي نتوقعه من ملايين الايطاليين، وأية صورة كريهة وسلبية تنقلها مثل هذه الجرائم البشعة.

حين تأتي السيدة مارغريت حسن البريطانية التي تحمل الجنسية العراقية لتمارس عمليات المساعدة الانسانية للمحتاجين وترأس منظمة انسانية بريطانية هدفها اسعاد الناس واعادة الابتسامة الى وجوه الأطفال، فيقوم المجرمون باختطافها وترويعها، فأية رسالة توجهها الى ملايين البريطانيين، بل الى ملايين البشر. أية أمة هذه التي تقتل من يتفرغ لعلاج اطفالها، واطعام جياعها، وتعليم ابنائها، في وقت يتفرج فيه ملايين العرب على المشهد العراقي شامتين او غاضبين او عاجزين.

ألم يقل تشي جيفارا كلمته الشهيرة «ما يؤلم الانسان هو ان يموت على يد من يقاتل من اجلهم» أليس ما يفعله المختطفون شهادة سوء خلق ونكران جميل لرجال ونساء تركوا دفء بيوتهم وحياتهم الهانئة ليتفرغوا لخدمة الآخرين في ظروف صعبة؟

كيف يمكن لنا ان نعتذر باسم اطفال العراق، وباسم سمعتنا وسمعة ثقافتنا. كيف يمكن ان نفسر خيبتنا وفعلة التفرج التي نمارسها على المستوى الانساني؟ اية كلمات يمكن ان نستخدمها لنقول للعالم اننا ابرياء من هذه الجرائم، وهل يمكن ان يكون صوتنا اعلى من صوت القتلة والمختطفين وقطاع الطرق الذين يصفق لهم الكثيرون ويسمونهم مقاومة.