من أين تأتي الفلوس؟!

TT

أتتنا هذه المرة دراسة من «هونغ كونغ» تقول: إن الناس كلما فقدوا شعرهم، فمعنى ذلك أنهم سيكسبون أكثر، وتوصلت الدراسة الى انه كلما زادت ثروة الرجل، زاد فقدانه لشعره، وشكا 95 في المائة ممن تزيد دخولهم عن 5700 دولار في الشهر من تساقط الشعر بكثافة، مقارنة بنسبة 35 في المائة فقط ممن يقل دخلهم الشهري عن 640 دولارا.

والواقع أنني ما أن انتهيت من قراءة تلك الدراسة «الخنفشارية»، حتى أخذت أتحسس لا شعوريا رأسي، ومن حسن حظي أنني كنت وقتها ألبس الطاقية.

على أية حال أنا أتشكك في مدى مصداقية تلك الدراسة، وشكي في مثل تلك الدراسات شيء طبيعي، لأنني، مثلما هو معروف عني، تلميذ نجيب لفيلسوف الشك والخيبة (ديكارت)، الى درجة أنني كلما رأيت «ظلي» التفت الى الخلف، لكي أتأكد انه حقي، وليس حق شخص آخر.

ولو أن كثافة الشعر من عدمها، هي التي تحدد الحد الفاصل بين الثراء والإفلاس مثلما يحدد سيف «أبي تمام» الحد بين الجد واللعب، لو كان ذلك هو الفيصل و«الماركة المسجلة»، لما كان الرئيس الحريري هو الحريري، ولما كان الزميل الصديق الأستاذ محمد عبد الواحد هو عبد الواحد، فالرئيس الحريري ـ ما شاء الله ولا حسد ـ لديه من كثافة الشعر ما يجعله كل صباح يتعب في «تسريحه»، ولديه من الخير الكثير أضعاف أضعاف عدد شعراته، في حين أن الصديق محمد بن عبد الواحد يبحث عن الشعرة الطائرة علّها تحط على جبهته، وقد لا يجدها، مثلما هو الذي أفنى حياته بين الحبر والورق، ولم يجد في كل صباح تحت وسادته ربطة دولارات ـ حتى ولو بالكذب ـ، تقول له: أصبحنا وأصبح الملك لله، فيبادلها التحية بأحسن منها، ويضمها الى صدره بحنان منقطع النظير، ويلثمها لثمة من صام عن الحب دهرا كاملا.

وبعد برهة من «شحذ الفكر» من قبلي، تذكرت رجلا فحلا بمعنى الكلمة، ليس هناك مقدار «سنتمتر واحد» في جسده إلا واكتسى بالشعر ـ يعني باختصار كلما رأيته، أخذت أفكر حقيقيا بنظرية «دارون»، والمنطقة الوحيدة التي تعتبر صحراء قاحلة هي جمجمته، وكان قد عزم أخيرا على أن يزرع في رأسه شعرا يأخذه من أي منطقة من جسده، وطفق يبحث في «الانترنت» عن أفضل الأماكن والأطباء المختصين بذلك، فلا السوق المحلي لدينا، ولا أطباؤنا مقنعون بالنسبة له.. أقول انني اتصلت به تلفونيا اخبره عن تلك الدراسة، محاولا أن اثنيه عن فعلته تلك التي ستودي بـ«ملايينه» الى التهلكة، غير أنه كان مصمما على أن يفعل ذلك «وايش ما يكون يكون» ـ على حد تعبيره ـ، فسألته فجأة: هل أنت تنوي على «زواج»؟! فقال لي: ايش عرفك؟ ثم استدرك صائحا: لا أبدا، لكن الحكاية وما فيها، وقبل أن ينتهي من كلامه ويقول لي الحكاية، وما الذي فيها، انقطع إرسال التليفون، فقلت بيني وبين نفسي: «جات منك يا جامع».

[email protected]