فتوى جديدة للجهاد

TT

فتوى عدد من الدعاة في السعودية إلى الجهاد في العراق، ومساعدة «الفلوجة الصامدة المنصورة»، هي تحريض للشباب وتغرير بهم لدفعهم إلى طريق الانتحار، وهي دليل على أن عدداً من الموقعين على الفتوى، ممن اعتقدنا أنهم عادوا إلى طريق الحق، وقطعوا العلاقة بفكر العنف، قد عادوا إلى طريقهم القديم يحرضون الناس على الموت تحت اسم الجهاد.

فتوى هؤلاء تتحدث عن أن جهاد المحتلين واجب على ذوي القدرة، وأعتقد أن عدداً من هؤلاء الموقعين على البيان ينطبق عليهم هذا الشرط، فهم في حالة صحية جيدة، ولديهم من المال ما يكفي لإعانة عائلاتهم، وأعتقد أن عليهم أن يتركوا رغد العيش، وأن يلحقوا بالجهاد ليشكلوا مثالاً للآخرين، بدلاً من إصدار هذه الفتاوى التي تدفع السذج وصغار السن إلى طريق الموت.

من يتحمل مسؤولية دماء شاب يقرأ هذه الفتوى، فيذهب إلى «الفلوجة الصامدة»، فيطلب منه القتلة هناك تفخيخ سيارة تقتل النساء والأطفال والشرطة العراقية، ويذهب هو ضحية هذا الفعل. من يتحمل دماء هؤلاء القتلى من المسلمين الموحدين الصائمين؟ من يتحمل حزن وشقاء أهله ومحبيه؟ ومن المسؤول أمام رب العباد عن مثل هذه الأعمال الإرهابية التي تتم باسم الجهاد؟

ألا يكفينا ما حدث؟ ألا تكفي هذه الجرائم التي ارتكبت باسم الإسلام؟ ألا يكفي تفجير المجمعات السكنية وقتل الأبرياء؟ ألا تكفي حسرة قلوب آباء وأمهات، ذهب أبناؤهم إلى أفغانستان والعراق، فانتهوا في سجن غوانتانامو، أو قتلوا بعيداً عن دفء بيوتهم؟

هناك برنامج محدد في العراق للانتقال السلمي ولنهاية الاحتلال. ونعتقد أن من واجب الدعاة مطالبة الناس بالانخراط في العملية السلمية، وواجبهم ألا تنعزل هذه المناطق العراقية السنية عن الحياة السياسية بموقفها السلبي من الانتخابات والحكومة، فتجد نفسها أقلية مهمشة، وهو خطر على معادلة الاستقرار السياسي والاجتماعي العراقي.

هناك فرق بين إنقاذ الناس وحفظ أرواحهم وأعراضهم وأموالهم، عبر الأساليب السلمية والحوار، وبين دفع الناس إلى الاقتتال، وتوتير الأجواء عبر فتاوى الجهاد. إن أوجب واجبات الدعاة هو حقن دماء الناس ومنع الفتن والاقتتال، وكلنا أمل أن يعيد هؤلاء النظر في دعواهم، ويكونوا أداة للاجتماع والوحدة لا أداة للفرقة والاقتتال.