زوجة الرئيس.. ورجاله

TT

منذ تدهور الحالة الصحية للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في رام الله ثم نقله الى باريس للعلاج والتصريحات الصادرة حول وضعه الصحي تتسم بالتضارب الشديد الذي حير الصحافيين والشعب الفلسطيني والشعوب العربية المتطلعة الى معرفة الاخبار.

فمرة يعلن ان الرئيس بخير وانه يحتاج الى الراحة فقط، وفي نفس اليوم الذي تقول فيه مصادر ان الرئيس في حالة غيبوبة، تخرج انباء اخرى عن انه تلقى مكالمات هاتفية، واصدر بيانات تتعلق بانتخابات الرئاسة الاميركية، وفي كل البيانات التي خرجت عن المستشفى العسكري الفرنسي قال المتحدث ان هذه البيانات تصدر بالاتفاق مع زوجة الرئيس المعنية وهي الشخصية المعنية بصحة الرئيس حسب القانون الفرنسي.

وقد كان هناك حيرة ازاء هذا التضارب غير المفسر الذي بدا محيرا من جانب المسؤولين الفلسطينيين حول صحة عرفات مما فتح الباب امام تأويلات واستنتاجات بان هناك معركة تدور حول السلطة، او ان هناك رغبة في اخفاء الحقائق لحين ترتيب اوضاع السلطة الفلسطينية، وكذلك ترتيبات الدفن ثم ظهر في اليومين الماضيين من خلال الخلاف العلني الذي تفجر بين زوجة الرئيس ان القيادة الفلسطينية ليس لديها معلومات مباشرة عن صحة الرئيس، وان اغلب رجال الرئيس ممنوعون من زيارته او مقابلة الاطباء لمعرفة حقيقة حالته.

واكتملت الدراما بالاتهامات التي وجهت الى الوفد الثلاثي من القيادة الفلسطينية الذي قرر التوجه الى باريس للاطلاع على الاوضاع من جانب زوجة الرئيس بانهم يريدون دفنه حيا لتثير زوبعة لم تهدأ بعد وسط الاوساط الفلسطينية وردود فعل حادة من قبل المسؤولين الفلسطينييين الذين هاجموها.

وحسنا فعل الوفد الثلاثي بالمضي في الزيارة بعدما قرر أولا ان يؤجلها بعد ان فوجئ بهذه الاتهامات، وذلك في ضوء عدة اعتبارات، اولها انه يجب على القيادة الفلسطينية ان تمارس مسؤولياتها ولا تبقى في الظلام حول الوضع الصحي للرئيس، لان الوضع الصحي لعرفات اذا نحينا العواطف جانبا ليس مسألة خاصة تتعلق بعائلته فقط ولكنها قضية عامة تتعلق بقيادة ومسيرة شعب ورفاق درب طويل يتحملون مسؤولية امام الناس.

كما ان الحديث عن الوراثة او الخلافة يجب الا يغضب احدا او يثير حساسيات فهي مسألة مفترض ان تكون مرتبة في اطار المؤسسات الفلسطينية ومنذ زمن طويل في ضوء الاخطار التي كانت تحيط برئيس السلطة الفلسطينية سواء كانت صحية او غيرها. وهي مسألة يجب ان تكون مطروحة بصرف النظر عن العواطف والتمنيات بان يكون الوضع الصحي للرئيس قابلا للعلاج.

وظهور الخلافات بهذا الشكل لا يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني لانها في النهاية تضعف السلطة الفلسطينية وتجعلها اسيرة قضايا شخصية وجانبية بينما المفترض ان تكون قادرة على المحافظة على الوحدة الوطنية الفلسطينية ، ومنع اي اتجاه للفوضى، ومواصلة المسيرة الفلسطينية نحو إقامة الدولة.