الشعراء في رمضانياتهم

TT

الجلسات الرمضانية بعد الفطور ميدان تقليدي رائع لتألق الشعراء والأدباء فيما يروونه من طرائف الأدب وما يرتجلونه وينشدونه من درر الشعر. لكل بلد إسلامي سجل أدبي يعتز بهذه الأمسيات. وبالطبع تحتل مدينة النجف الأشرف مكانة أولى في هذا السجل. ومما ضمته بين جوانحها تلك الجلسة التي ضمت من الشعراء والأدباء ورجال القضاء الأستاذ عبد العزيز الشواف، حاكم المدينة والشيخ محمد السماوي والحاج مصطفى الصراف. اجتمعوا في ديوان الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء. اعتادوا على الصلاة جماعة خلف الشيخ عبد الهادي كاشف الغطاء ثم لاحظوا أن الصراف انقطع عن ذلك وآثر الصلاة منفرداً في بيته، فشكاه محمد رضا للقاضي الشواف. أجابه هذا بأنه لن يقبل هذه الشكوى ما لم ترد شعراً. فأنشده هذه الأبيات:

من حامل للحاكم «الشوافِ»

ذي العدل والوجدان والإنصافِ

عني شكاية مستغيث يشتكي

صنع المهذب «مصطفى الصراف»

ترك الصلاة جماعة في وقتها

والترك مذموم بغير خلاف

فإذا أطاع وعاد يُغفر ما مضى

من فعله والله نعم العافي

وإذا عصا فاحكم عليه بمبلغ

في غير تبذير ولا إسراف

في بر أو تمر يوزعه على

ذي علة وأرامل وضعاف

ما قال ذلك حتى تطوع الشيخ السماوي ليدافع عن صاحبه:

للحاكم المعروف بالإنصافِ

عبد العزيز الفاضل «الشوافِ»

هذا جواب شكاية بلغتها

في «عرض حالٍ» جله متناف

من ذي المكارم والعلى الشيخ الرضا

علم الأفاضل عمدة الأشراف

أنا لم أزل لأبيه حامل راية

منشورة بمحاسن الأوصاف

وأرى المصلى خلفه صلى بها

خلف «الإمام الحق» دون خلاف

وعليه أطلب رد دعواه بها

حكماً وجاهياً بلا استئناف

فاحكم وحمله مصارف هذه

الدعوى «بدعوة» مصطفى الصراف

يقصد بالدعوة هنا إقامة وليمة للحاج مصطفى. وبعد سماع بينات الطرفين نطق القاضي الشواف بالحكم باسم جلالة ملك العراق قائلاً:

باسم الجلالة سيد الأشرافِ

أصدرت حكماً مقتضى الإنصافِ

دعوى محمد الرضا الهادي على

صنع المهذب مصطفى الصراف

لم تخل مما قد يبرر ردها

من وجهة التقويم والإسعاف

أما الصلاة جماعة خلف الذي

هو كاسمه هادٍ بغير خلاف

فالحكم فيها واجب إذ أجرها

نص الشريعة عد بالإنصاف

لكن مطلبه بدفع غرامة

قد جاء في شيء من الإجحاف

إذ كيف يحكم بالغرامة تائب

يستغفر المولى وربك عاف

أما المصارف فهي بينهما إذن

والحكم نسبي على الأطراف

حكماً وجاهياً يبلغ معلنا

من غير تمييز ولا استئناف

وهكذا تقاسم المتخاصمان مصارف الدعوى بوليمة شهية من السبزي والدجاج والكباب زائداً البقلاوة والحلاوة.