قبل الفلوجة..فلنجب على هذه الأسئلة..!

TT

شاهدت لمحة عابرة من المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الدفاع من دونالد رامسفيلد يوم الاثنين، مع بداية معركة الفلوجة. لم أتمالك إلا أن أمسح عيني لبعض الوقت، متسائلا عما إذا كنت رجعت 20 شهرا للوراء عندما كانت حرب العراق قد بدأت، يومها رأيت رامسفيلد نفسه وهو يمازح الطاقم الصحافي للبنتاغون...الخ

ثمة فارق واحد لا يبدو أن أحدا يريد ذكره، وهو أننا لم نرجع 20 شهرا للوراء، وإنما لا نزال في هذه اللحظة الحاضرة من الزمان. ومع ذلك فالعراق لم يكتمل تحريره بعد. بل إننا يمكن أن نقول، مستشهدين بحالة الفلوجة، إن العراق لم يكتمل حتى احتلاله بعد. عندما تأملت المشهد وجدت أن عواطفي متناقضة: فمن ناحية أتمنى أن يؤدي النصر في الفلوجة لوضع العراق في الاتجاه الصحيح، ومن ناحية أخرى أشعر باحتقار شديد لحقيقة أننا عدنا من جديد نخوض حربا شرسة، من دون خردلة من النقد الذاتي والتأمل، من إدارة كانت قد أعلنت قبل فترة طويلة أن المهمة قد أنجزت».

وإني لأقدم النصيحة التالية: إذا لم نحصل على إجابات مقنعة للأسئلة التالية، فعلينا ألا نصدق هذه التصريحات السعيدة من فريق بوش حول العراق.

السؤال الأول: هل فرغنا بالفعل من الحرب؟ وأعني بذلك، هل بمستطاع العراقيين والعاملين في إعادة التعمير أن يتحركوا بحرية من مطار بغداد إلى داخل المدينة؟ وهل يمكن للساسة العراقيين أن يقيموا ندواتهم ويديروا حوارا وطنيا حول مستقبل بلادهم؟

السؤال الثاني: هل لدينا العدد الكافي من الجنود، لتحقيق الحد الأدنى من الأمن؟ فقد طبق الرئيس بوش بالعراق حتى الآن، ما أسميه مبدأ رامسفيلد. أي أن يكون لنا عدد من الجنود يكفي لحمايتنا وليس لحماية العراقيين، ويكفي ليكون هدفا للملاءمة عندما تسوء الأمور، ولا يكفي لإصلاح الأوضاع في العراق وتحسينها. ولكن بحق السماء يا توماس فريدمان: ماذا تعرف عن أحجام الجيوش وكفاية القوات؟ أعترف أنني لا أعرف الكثير. فأنا لم أطلق رصاصة في حياتي. ولكني لست طباخا أيضا، ومع ذلك فإنني أعرف الوجبة الجيدة عندما أتناولها. إنني أعرف الفوضى عندما أبصرها، وأعتقد أننا نحتاج إلى فرقتين إضافيتين من الجنود في العراق.

السؤال الثالث: هل يمكن أن يتفق العراقيون على اقتسام السلطة وتقنين ذلك دستوريا؟ هل هناك كينونة سياسية اسمها العراق؟ أم أن هناك حفنة من القبائل المتمايزة والمجموعات الدينية والإثنية التي لا رابط بينها؟ هل صار العراق إلى ما صار إليه بتأثير من صدام، أم أن صدام اكتسب صفاته تلك بتأثير من العراق، ربما لكونه منقسما على ذاته منذ الأزل؟ نحن ما زلنا لا نعرف إجابة على هذا السؤال الهام لأن العراقيين لم يجدوا الفرصة بعد ليديروا حوارا أفقيا فيما بينهم.

السؤال الرابع: إذا كان ممكنا أن يقفز العراقيون من طغيان صدام إلى الانتخابات الحرة والحكومة التمثيلية، فهل سنقبل ممثليهم المنتخبين، علما بأنهم سيكونون في الغالب الأعم سياسيين من الأحزاب الإسلامية؟ ولدي رؤية واسعة جدا حول هذه القضية لأن أوروبا استغرقت عدة مئات من السنين، لتخلق الثقافة والعادات والمؤسسات التي تقوم عليها السياسة الدستورية. وليس ما تراه في العراق اليوم سوى الخطوات التمهيدية الأولى. وإذا انتخب العراقيون ساسة إسلاميين، فلهم أن يفعلوا ذلك. ولكن هل استعد رئيسنا لتلك الصورة الجماعية مع هؤلاء؟

السؤال الخامس: هل يمكن أن نبذل مجهودا كافيا لتحقيق إنفتاح سايكولوجي مع العراقيين ومع العالم العربي الفسيح؟ لقد كانت الدبلوماسية الأميركية بائسة جدا في هذا الشأن. يقول إسحق ناكاش، الخبير في شؤون العراق بجامعة برانديز:

«من المحزن أن أقول هذا، ولكن الولايات المتحدة لم تستطع بعد مرور 18 شهرا من إقناع العراقيين أننا لم نأت من أجل البترول. لم نكوّن حتى الآن أساسا للثقة المتبادلة».

* خدمة نيويورك تايمز