أولبرايت جمهورية

TT

يخرج كولن باول من ادارة جورج بوش كما دخل. بلا اثر. وفي معركته الاولى كان بوش في حاجة الى شخصية افرو اميركية، ذات اعتبار عسكري وسمعة سياسية، لكن كولن باول لم يستطع الاندماج في ادارة حادة ومتوسعة يحركها من خلف الستار رئيسه السابق ديك تشيني، الرجل الذي لا امائر له، مثل شريكه من دونالد رامسفيلد. لقد حاول باول في البداية ان يلعب دور المهدئ والمتروي، وكاد المتشددون في الادارة يخرجونه. الا انه عاد وقبل بتطبيق الخط العنفي الذي نتج عن 11 سبتمبر.

وسوف يصبح جورج بوش، على الارجح، اكثر اعتماداً على كوندوليزا رايس، التي قد تكرر تجربة هنري كيسنجر في الجمع بين مجلس الامن القومي ووزارة الخارجية. وكان بيل كلنتون هو ايضاً قد غيّر وزير خارجيته كريستوفر في الولاية الثانية واستبدله بامرأة شديدة الحدة هي مادلين اولبرايت. وكانت هذه سيدة تشيكية الاصل هاجرت يافعة الى اميركا كما فعل كيسنجر ايضاً من قبل. كما انها كانت مثله من اصول يهودية، ولو انها اخفت ذلك حتى بعد تعيينها في منصبها.

تعتبر كوندوليزا رايس من مدرسة الحرب الباردة. وقد درست اللغة الروسية والتاريخ السوفياتي وعملت طويلاً في هذا الحقل مع استاذها جيم بيلنغتون، الذي اصبح في ما بعد اميناً لمكتبة الكونغرس. وسوف يكون الامتحان الاول بالتأكيد في العراق. ولن تكون نتائج العراق مفترقاً لاميركا وحدها، بل للوضع الدولي برمته. ويشبّه الكثيرون الحالة في العراق بالحرب في فييتنام، لكنني اعتقد انها اشبه ما تكون بحالة السوفيات في افغانستان. اي اذا استطاع الاميركيون تسوية الوضع والخروج من الدوامة المرعبة، شيء، واذا طالت الحرب عليهم سوف تختلف الانعكاسات وقد ترتفع حدة العنف وتتسع. ولذا لا بد من انتظار ما بعد الفلوجة: هل في إمكان المعارضة اقامة فلوجة اخرى في الرمادي او بعقوبة او الموصل، ام ان الفلوجة هي نهاية المواجهة العسكرية الكبرى، وما يتبع سوف يكون حرب عصابات متفرقة تستنزف لكنها لا تحسم ولا تتسبب في خروج الاميركيين.

من الصعب قراءة اي شيء الآن. فالاتفاق الاوروبي مع ايران حول التخصيب النووي يبدو انفراجاً مهماً. وتصعيد الوضع العسكري على الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية يبدو نقيضاً لأي انفراج. ومن الفلوجة الى رام الله تبدو كل قضايا الشرق الاوسط معلقة وكل الاحتمالات واردة. وكما كان يقال فلننتظر افغانستان لكي نرى ماذا يحدث في سواها، لا بد الآن ان ننتظر العراق. انه باب التحولات المقبلة.