تركيا ترقص في طريقها للاتحاد الأوربي

TT

سمعنا عن دبلوماسية كرة القدم ولعبة البينغ بونغ التي ذوّبت الجليد بين الصين وواشنطن، ودبلوماسية المراحيض عندما وجد المندوب الأمريكي نفسه يتبول في مراحيض الأمم المتحدة مع المندوب السوفيتي وأدى تبولهما معاً إلى إنهاء الحرب الكورية. وبالطبع نعرف دبلوماسيات الزواج، بل ودبلوماسيات الجنس أيضاً عندما استعملت كليوباطرة جسمها لكسب انطونيو لجانب مصر. رأيت قبل أيام تركيا تستعمل الرقص كأداة دبلوماسية لإقناع أوربا بضمها للاتحاد الأوروبي.

شهدت على مسرح البيكوك بلندن هذه الفرقة التركية الرائعة، فرقة «ني ـ لهاليب العاطفة». كانت أمسيتها من أروع الأمسيات التي قضيتها في عالم الرقص، لن أندم قط على الساعتين اللتين قضيتهما في مشاهدتها. روعة في الإخراج وفي الإنارة وفي الأزياء وحتى في عنصر الكوميديا الذي تضمنته الحفلة. أما الرقص الشرقي ذاته، فلم أشهد مثله من قبل ذوقاً وأداء وحيوية وفناً على كثر ما شهدته من بطون وصدور ونهود.

تقوم استراتيجية الدبلوماسية التركية على إقناع الأوربيين بأن تركيا خير جسر بين الشرق والغرب والشعب التركي جزء من الشعوب الأوربية، وكذا حضارتها. وحملت هذه الفرقة أعباء هذا الطرح، فكل الراقصات بيضاوات البشرة، نحيفات ورشيقات، ومعظمهن بشعر أشقر وقليلهن بشعر أسود. ولا أدري من منهن شقراؤهن وصبغت شعرها بالأسود، ومن منهن سوداؤهن وصبغت شعرها بالأصفر، لكنهن كلهن حملن رسالة وزارة الخارجية للمجلس الأوربي، نحن أوربيات مثل نسائكن، ومن لا يصدق فليجرب!

ولزيادة التجربة، رقصن الباليه الأوربية، وفيها كشفن عن صعوبة المحاولة. ففي خطوات الباليه ظهرت ثغرات وعيوب في الإجادة، معيدي يأكل بالشوكة! وكمحصلة للحضارات، أبدعت الفرقة في تقديم الرقص الفولكلوري الروسي والأوكراني والبلقاني.

سألتني أم نائل: هل هذا جزء من التراث العثماني؟ قلت: نعم، فهذه كانت مستعمرات حكمها العثمانيون لقرون!

لكن الفرقة التي سحرتنا قبل كل شيء برقصها الشرقي الذي تعلمناه في الواقع منهم وأدته الراقصة الرئيسية باقتصاد وحشمة، لم يفقدها شيئا من عنفوان الحركة وزخم الإثارة واكتمال المتعة، كانت لهلوبة لفرقة لهاليب العاطفة، اسم على مسمى!