حمام

TT

عقدت في الولايات المتحدة الاميركية «قمة دورات المياه». نعم هكذا كان عنوان المؤتمر الذي أتى إليه المهتمون بشأن الحمامات ودورات المياه من دول مختلفة، والسنة القادمة سيعقد المؤتمر في الصين. وطرحت في المؤتمر أوراق عمل عن التطورات الحاصلة في تقنية الحمامات وتوفير المياه وعن أثر الحمامات سواء بنظافتها أو قذارتها على سمعة البلدان والسياحة فيها تحديدا.

إلى هنا وصلت اهتمامات الأمم ورغبتها في تطوير أدق التفاصيل مهما كانت تلك التفاصيل «خاصة»!

حينما استقلت سنغافورة كانت هناك لافتة صغيرة موضوعة في المصاعد تحذر من التبول فيها ولذلك كانت الحملة السنغافورية للنظافة مضربا للأمثال في حزمها وبالتالي نجاحها. وفي السعودية حال دورات المياه العامة حزينة وكئيبة سواء كان ذلك في الدوائر الرسمية أو الأماكن العامة أو المساجد.

في مجتمع يردد أن النظافة من الإيمان ويذكر دائما أن إماطة الأذى عن الطريق هي أدنى درجات الإيمان، يبدو أن حال دورات المياه العامة لا علاقة لها البتة بتلك المفاهيم الجميلة. حمامات الملاعب الرياضية، الوزارات، المطارات، المساجد، المدارس، الجامعات هي في وضع أقل ما يقال عنه ويوصف به أنه قذر ومقرف. لا داعي للخوض بالتفاصيل عما «تقوله» دورات المياه وهي بهذا الوضع المعيب.

هل من الصعب أن يكون للسعوديين برنامج تثقيفي لرفع التوعية بنظام الحمامات العامة؟ هناك شركات صيانة متعاقدة مع المرافق العامة، على أي أساس يتم قياس جودة وجدارة أعمالها إذا كانت الحمامات بهذا الوضع المأساوي والمهين في أغلب الحالات (بالرغم من معاناة شركات الخدمات والصيانة من تأخر مستحقاتها مع وزارة المالية إلا أنه من الضروري أن تكون هناك معايير لإتمام وظيفة الأداء لتلك الشركات وخصوصا فيما يتعلق بالنظافة العامة).

قد يكون موضوع نظافة المرافق العامة بسيطا وسخيفا ولكنه من أهم المسؤوليات المحملة على الكل. وفي العديد من دول العالم أقيمت تجارب لافتة ومهمة لتقييم وإنجاح المرافق العامة ولعل أنجحها كان في سنغافورة وسويسرا إلا أن للدول الاسكندنافية وكندا حظوظا جيدة جدا في ذات الشأن.

الحمام ونظافته له تاريخ طويل جدا في التراث العربي والإسلامي. فالعرب هم أول من ابتكر فكرة الحمام العام واحتفوا به احتفاء جماليا، وكان له من العادات والطقوس ما بات يقلد في المنتجعات المشهورة اليوم. إلا أن شيئا ما حدث عبر السنين وفقدت قيمة النظافة العامة وغابت عن ثقافتنا اليومية الممارسة، وهذا ناقوس خطر ومنبه وإشارة للكيفية التي تسربت منا القيم المهمة والمحورية وتمسكنا بالشكليات من الأمور، معتقدين أنها الدين وأنها الأساس والدين منها براء. حمام عام نظيف يقول عنا الكثير، ولكن متى يكون ذلك؟