أضبط : رامسفيلد متلبسا ..!

TT

أخيرا تلقى رامسفيلد التوبيخ .. ليس من الرئيس بوش ، بالطبع، ولكن من القوات المقاتلة في العراق هذه المرة. فبعضها لم يعد يتحمل الامر ، فجاء حديثهم عن فشله في منحها الدروع المناسبة للسيارات الهامفي، بحيث اضطروا الى توفيرها بأنفسهم.

وكان وزير الدفاع يتوقع زيارة العراق خلال تلك الرحلة، ولكنه قضى اليوم يرحب بالقوات في الكويت. وبالرغم من ان المسؤولين في البنتاغون اصروا على ان اجراءات الامن لم تكن مشكلة، إلا انهم شعروا بالقلق بحيث لم يرغبوا في السفر لمسافة 40 كيلومترا فقط كانت ستقودهم الى العراق.

والتقى رامسفيلد مع القوات في معسكر بهرينغ، على اسم الكولونيل تشاد بوهرينغ ، ضابط الجيش الذي قتل في العام الماضي ، عندما شن المتمردون في بغداد هجوما بالـ« ار بي جي» على فندق الرشيد .

وكما ذكر جو بيدن لاروون براون من شبكة «سي ان ان» بخصوص زيارته الى الفلوجة «لقد استولينا على عش الدبابير، ولكن الدبابير طارت واقامت اعشاشا في اماكن اخرى». وقال ان احد الجنرالات لحق به وهو يستعد لركوب الطائرة وقال : «سناتور، أي شخص يقول لك اننا لا نحتاج لقوات هنا هو كذاب ملعون».

غير ان رامسفيلد لم يتردد في احتقار الجنود ، عندما تحدث عن المخاطرة بحياتهم في مكان لا يجرؤ على الذهاب اليه بنفسه.

وقد لقي توماس ويلسون، رجل الحرس الوطني الشجاع من تينيسي ، معاملة قاسية من رامسفيلد ، كما لو انه مندوب صحافي مزعج في البنتاغون ، وذلك حين سأله لماذا يضطر الجنود «الى البحث وسط اكوام القمامة المحلية بحثا عن معادن خردة لاستخدامها كدروع لسياراتنا، ولماذا لا تتوفر تلك الموارد لنا ؟ » واستخدم وزير الدفاع نفس اللهجة الاستفزازية التي تظهر في المؤتمرات الصحافية. وفعل كل شيء فيما عدا ضرب توماس. وفي واحدة من عباراته المرتجلة قال رامسفيلد لذلك الجندي : «كما تعلم، تذهب الى الحرب مع الجيش الذي لديك»، وهي عبارة لا يمكن ان تصبح شعارا جيدا للجيش، وهي اجابة سيئة. فقد ذهب هؤلاء الشباب والشابات الى العراق مقتنعين بالكذبة التي قيلت لهم، ودفع بهم الى حرب متمردين وحشية بدون مستوى القوات او الدروع التي يحتاجونها ، لان المحافظين الجدد في البنتاغون اعدوا الخطط اعتمادا على دعايتهم بأن تحويل العراق الى ديمقراطية سيكون بمثابة نزهة. وكان لا بد من تصادم احلام رامسفيلد والمحافظين الجدد. ولكن ليس من الاخلاق حصار القوات في حرب عصابات بدون الدعم الاساسي الذي ينقذ الارواح وبدون الاحتياجات ، لكي يمكن لمجموعة من المسؤولين، لم يشاركوا في حرب في حياتهم، اختبار نظرياتهم على أرض الواقع.

كيف امكن لهذا الرامسفيلد الأحمق الخطير ان يستمر في عمله ؟ لا بد انه عرض وجهة نظر بأنه بسبب حملة اعادة انتخاب الرئيس فإن المؤسسة العسكرية قيدت من القيام بما هي مدربة على القيام به ، وتدمير الفلوجة وغيرها من معاقل المتمردين. لا بد انه قال لدبليو بوش انه يستحق فرصة المحاولة مرة اخرى بعد الانتخابات. وقد وجد اذانا صاغية، لأن بوش يحب المسؤولين الذين يمدونه بالروايات الخيالية بدلا من الحقائق غير المريحة.

والرئيس يحب القيام بدور الجندي. ولتشجيع قوات المارينز في معسكر بندلتون، المعنيين بعمليات الانتشار في العراق، تخفى في زي عسكري يرجع للحرب العالمية الثانية ، ويحمل ختم الرئاسة على الياقة من ناحية وعبارة «القائد الاعلى» على الناحية الاخرى ، وكأن الامر مجرد حفلة تنكرية ، من أجل تشجيع القوات المتوجهة الى مكان، العدو فيه غير واضح ، ولا توجد استراتيجية للخروج، ولا تتحدث فيه الحكومة عن مدى سوء الامن.

مثل هذه الأفكار تروق لبوش، بل تبدو لطيفة، ومعه، وبالطبع، رامسفيلد .

*خدمة «نيويورك تايمز»