أوقاف

TT

الوقف هو فكرة إسلامية خيرية عظيمة اقتبستها مجتمعات أخرى وأحدثت فيها تطورات مهمة نفعت بها مجتمعاتها بشكل واضح. والوقف جزء أساسي من التكوين الاقتصادي والاجتماعي بالسعودية. وهناك العديد من الوصايا والتبرعات التي تنص على استثمار بعض زكاتها في أوقاف للخير.

وملف الأوقاف يحاط بكثير من الغموض والتعتيم، فلا توجد احصائيات معلنة عن أوضاعها ولا عن قيمتها ولا عن وضع الاجراءات القضائية بحق المعلق منها في المحاكم الشرعية. بالرغم من التوصيات العليا والحرص الرسمي على الاعتناء بالأوقاف وحفظ مكانتها إلا أن هناك الكثير من المطلوب علمه حتى يتم حسن استغلالها وتطوير ادارتها ورعايتها ومراقبتها.

وغير معلوم أو واضح حجم وقيمة الأوقاف بالسعودية اليوم، ولكن هناك مجموعة من الأوقاف في مكة المكرمة والمدينة المنورة تحديدا معرضة للاشكالية النظامية في ادارتها ونظارتها، حيث أن المستفيدين منها توفوا أو اختلفوا أو انعدمت الفائدة المؤسسة لأجل الوقف نفسه.

ولعل أبرز الامثلة المقصودة في الأوقاف المهددة اليوم هو وقف الأغوات في مكة والمدينة وتحديدا في مكة. فهذه الأوقاف التي انشئت منذ أكثر من مائة وخمسين عاما وخصص ريعها لأجل الصرف على معيشة الأغوات ومراعاة لأحوالهم (والأغوات هم فئة وهبت نفسها لخدمة الحرمين، تطوعا مدى العمر. وقد انقرض حجم دورها مع شديد الأسف، فالناس كانت تتقبل تعاملهم وملاحظاتهم الخالية من الغلظة والصوت العالي والاسلوب غير المهذب بصدر رحب). ولكن الأغوات بات الاحياء منهم بالكاد يتجاوزون العشرين شخصا وأوقافهم هي الأعلى قيمة في مكة المكرمة ومصير تلك الأوقاف في حالة وفاتهم جميعا غير واضح، ويحيطه الغموض والشك. وما ينطبق على أوقاف الأغوات حتما ينطبق على العديد غيرها من الأوقاف الهامة والتي هي جميعا بحاجة لحماية حتى لا تقع في الايادي الخطأ.

فكر وثقافة الأوقاف بحاجة لتطوير جاد لتحسين ظروف تشغيلها بالاضافة الى أن النظام القضائي بحاجة لتعامل فعال وأسرع مع القضايا الوقفية لمنع الهدر في الوقت الذي يحدث فيفقد الوقف قيمته الاجتماعية والاقتصادية وهو مكبل بين ثنايا المحاكم.

الشفافية التي يطالب بها الاقتصاديون مرافقهم الحيوية من المهم أن ينادى بها في شؤون ومسائل الأوقاف نظرا لأن المصلحة العامة باتت تتطلب ذلك. الأوقاف ثروة معنوية ومادية هائلة وعظيمة وبكثير من التطوير والاعتناء من الممكن وبسهولة مضاعفة هذه الثروة وتكبيرها وتحفيز الغير على تقليد ذلك.

الوقف فكر قديم وتراث جميل ولكن من غير اللائق أن لا يطرأ على هذا الفكر التطوير المنشود والذي يحميه ويرعاه. وهذا هو الأمل.