شارون وأبو مازن.. مأزق هنا.. وورطة هناك

TT

تسيطر على نشرات الأخبار في الوقت الراهن، أنباء التحالف العالمي للمانحين، بدعم من السفن العسكرية الاميركية وطائرات الهليكوبتر، لجهة توصيل مواد الاغاثة الى المرضى والجائعين، بعد أن جمعت آثار الكارثة في آسيا أطرافا كانت وإلى الأمس متحاربة.

ولكن المشهد ذاك لا ينطبق على الشرق الأوسط، ومن هنا فعلى الفلسطينيين والاسرائيليين التوصل الى حل لمسألة معاركهم الداخلية، قبل أن يتمكنوا من تحقيق السلام مع بعضهم البعض.

ففي غزة، تبنى، المرشح الرئيسي الذي سيحل محل ياسر عرفات، في انتخابات بعد غد الاحد، محمود عباس المعروف باسم أبو مازن، وجهة نظر الراديكاليين العرب، الذين لا يريدون السلام وإنما الغزو، فيما يطلق الإرهابيون قذائف الهاون على المدنيين الاسرائيليين، من أجل جعل خطة شارون بسحب المستوطنين تبدو وكأنها استسلام لمقاتلي «حماس». والى ذلك فالانقسام الداخلي الاسرائيلي حول القضايا السياسية المألوفة لا يدور في البرلمان. ففي الوقت الحالي تحتاج أغلبية شارون من الليكود والعمل، الى قليل من أصوات الأحزاب الدينية التي يمكن أن يقرر فيها حاخام يبلغ من العمر 95 عاما. واذا لم يجر الحصول على ذلك بالطريقة المألوفة، يكون على شارون أن يذهب الى انتخابات ليجسد ارادة الشعب الاسرائيلي.

ولنا أن نذكر هنا بأن الانقسام في اسرائيل يرتبط بطبيعة الدولة اليهودية. فالمتطرفون بين الحاخامات يتحدثون عن تقديم النصح للجنود الاسرائيليين، لرفض اطاعة الأوامر لإخراج المستوطنين، الرافضين اعادة توطينهم، من غزة. ويعتبر العصيان المدني، مع قبول عواقبه في القانون، أمرا مشروعا في النظام الديمقراطي. أما العصيان العسكري للأوامر القانونية فهو غير مقبول.

ولو أن الأمر لم يكن موجها للقوات المسلحة الاسرائيلية، التي تتصرف بولاء في ظل الانضباط، فإن الحاخامات، مع حقهم في العبادة في المعابد والاعتراض في الساحات العامة، سيكونون أول من يلقى بهم في البحر، من قبل المتطرفين العرب الذين يثني عليهم أبو مازن.

ومن ثم، واذا كان لا بد من وجود تسوية، فعلى العرب واليهود ان يؤكدوا حكم الأغلبية، والذي يعني، ضمن سياقات كثيرة، ان الجنود يتبعون أوامر المسؤولين المنتخبين. وليس لدي شك في ان أرييل شارون سيفعل ذلك حين يكون شيمون بيريز الى جانبه. ولكني أتمنى لو انني امتلك نفس الدرجة من الثقة تجاه ابو مازن،

فشارون يتحلى بالأمل، وقد قال لي قبل يومين: «في الماضي صافحت أبو مازن وأستطيع التحدث معه فيما لم أكن لأصافح عرفات». وهو واثق أيضا بأنه سينفذ فصل القوات خلال أو بعد الانتخابات، إذا كانت هناك حاجة إليه، بشرط أن يقوم نظيره على الجانب الفلسطيني بضمان انسحاب آلاف الإسرائيليين بسلام. وأنا أعني أنه يتوقع أن يقوم أبو مازن بلجم المتطرفين المسلحين، باستخدام أي وسائل ضرورية.

وعلى الجبهة الأخرى، فقد أصبح المصريون أكثر تعاونا الآن، حيث قال لي شارون: «أنا تمكنت من إقناعهم بإطلاق سراح إسرائيلي، كان محكوما بالسجن لثماني سنوات، دون ذنب، وهذا ما غير المناخ بشكل عام، فأوقف تهريب الأسلحة المضادة للدبابات إلى غزة». لكن ما الذي دفع مبارك لذلك؟ «إنهم يمثلون أهم بلد في العالم العربي، ويريدون أن يعترف بهم باعتبارهم لاعبا أساسيا في المنطقة». هل هذا كل ما في الأمر؟ «إنهم يريدون تقوية علاقاتهم بالولايات المتحدة».

والسؤال: ماذا لو أنه مع المساعدة المصرية تمكن أبو مازن من تحييد الجهاديين الفلسطينيين؟ وعلى الجانب الإسرائيلي، ماذا لو تم حل الصراع الداخلي وقبل المستوطنون بالأمر الواقع؟ هل سيتم آنذاك فصل الاشتباك وإنقاذ «خارطة الطريق»؟

ينظر المتفائل شارون إلى ما وراء المأزق القائم بين العرب والإسرائيليين، لما يعتبره تهديدا لوجود وطنه. «هناك محور للرعب» وهذا يجري عبر الحدود من حزب الله الذي يمتلك 13 ألف صاروخ من إيران ومنشورة على التراب اللبناني، وهناك برنامج إيران النووي، وهو أكبر تحد، ليس فقط لإسرائيل، بل لكل العالم».

* خدمة «نيويورك تايمز»