من الجنة.. إلى جهنم!

TT

ارسلوه الى الجنة وصوّروا له ان الطريق اليها تمر عبر العراق، او بالأحرى عبر قتل العراقيين بالجملة، لكنه وجد نفسه يواجه نار جهنم كما اعلن هو ذلك. وفي ظروف اخرى كان يمكن للشاب السعودي احمد عبد الله عبد الرحمن الشايع، 20 عاما، ان يكون الآن طالبا في الجامعة، في طريقه لأن يصبح طبيبا او مهندسا او معلما او ضابطا او رجل اعمال فيغدو نافعا لعائلته ومجتمعه ومصدر فخر لهما.

لكن هذا الفتى الغرّ الذي بقي على قيد الحياة باعجوبة بعد تنفيذه عملية انتحارية بتفجير صهريج وقود في بغداد ـ وهي العملية التي اودت بحياة تسعة عراقيين واصيب فيها عشرات آخرون بجروح وحروق واعاقات دائمة وتسببت في اضرار كبيرة باملاك عراقيين آخرين لا يعرفون احمد الشايع ولا هو ايضا يعرفهم ـ هذا الفتى تحوّل الى وبال على نفسه وعائلته ومجتمعه بعدما اختطف من مدرسته واسرته وبلده ليكون اداة للقتل والتدمير الجماعي، يقطع المسافات الطويلة من بلده من دون علم عائلته ودولته ويعبر الحدود الى بلاد اخرى شقيقة لبلاده فيفتك بارواح ويصيب ويروّع ويدمر املاك عشرات الناس الذين ليست له او لأي من افراد عائلته او ابناء بلده قضية معهم تدفع به للانتقام منهم.

لست مع اعدام هذا الشاب اذا ما قرر العراقيون اعادة العمل بعقوبة الاعدام، وهو ما اناهضه بقوة، بل انني ارغب في ان يتلقى احمد الشايع عناية صحية فائقة ليصبح في وضع يتمكن فيه من رواية تجربته المرّة لامثاله من الشباب الذين خطفهم من نصبوا انفسهم ناطقين باسم الله ونوابا عنه في الارض، يرسلون من يشاءون الى الجنة وغيرهم الى النار.. يغررون بالاغرار من امثال احمد الشايع ويدفعونهم الى الانتحار وقتل الاخرين بالجملة واعدين اياهم بدخول الفردوس وزواج الحور العين.

سيكون لدى الشاب احمد الشايع الكثير مما يقوله عن تجربته الرهيبة التي عبّر عنها للمحققين العراقيين بعد ان استرد وعيه في المستشفى «انفجر الصهريج، فشعرت انني قد قذفت بعيدا، وشعرت وكأنني في نار جهنم».. وعن مصيره البائس حيث اصيب بحروق خطيرة سيظل معها مشوها الى الابد.. وعن المصير الرهيب لضحاياه الابرياء ومعاناة عوائلهم.. وعن عناية العراقيين به منذ اخمادهم الحريق الذي التهم جسمه ونقله الى المستشفى حيث انقذ من الموت.. وعن المحنة التي سببها لعائلته ومجتمعه وبلاده.

عقاب الفتى احمد الشايع لن ينفع في شيء وقد عوقب عقابا رهيبا.. الأولى والاجدى ان يُحاكم ويعاقب العقاب الصارم، بدلا عنه، اولئك الذين خدعوه ودفعوه في طريق جهنم.

[email protected]