الـ Blog .. صحافة موازية

TT

يبدو أن الصحافيين الذين يشعرون بأنهم مقيدون بسياسات مؤسساتهم الإخبارية بات لهم متنفس جديد هو مواقعهم الخاصة على الإنترنت التي يمكنهم فيها نشر قصصهم وآرائهم الشخصية، عدا عن إمكانية فتح نقاشات حول مواضيع شتى، تتراوح من عمليات ربط المعدة إلى يوميات الحياة في بغداد الممزقة بالتفجيرات.

إنه شكل جديد من الصحافة ينحصر عالمه في شبكة الإنترنت. وقد ظهر هذا النموذج من الصحافة عام 1999 بصفته موقعا شخصيا يدرج فيه الكاتب رؤيته ورأيه، فبات يعرف بالـ Blog ( بَلُوغ ) وهي كلمة اشتقت من . Web Logوكلمة Blog أدرجت مطلع العام في قاموس «ويبستر» الأميركي فيما دخلت قاموس «أوكسفورد» العام الماضي لكنها لم تترجم إلى العربية حتى الآن، إذ لا يزال هذا المجال مجهولاً بالنسبة إلى كثيرين في منطقتنا العربية. ومع انتشار ملايين المواقع من هذا النوع تصاعد النقاش في الغرب حول دور صحافة الـBlog وأثرها، إذ كيف يمكن للـbloggers الذين يعتمد نجاحهم في استقطاب القراء على آرائهم، في أن يعملوا كصحافيين محايدين! والتأثير المتنامي لصحافة الـBlog يدفع للتساؤل عما إذا كان هذا صعوداً لنوع جديد من الصحافة وبالتالي فهو بحاجة إلى صياغة نوع من الدليل المهني والأخلاقي لتنظيمه! فالانتشار الكبير الذي تلاقيه صحافة الـBlog نابع من كونها بمثابة تحد للأخبار التقليدية في المؤسسات الصحافية وقد جذبت هذه الصيغة صحافيين محترفين ينشرون مقالاتهم على هذه المواقع بصفتها متنفساً خلاقاً لعرض رؤيتهم التي لا يتمكنون من عرضها عبر المؤسسات التقليدية التي تتمسك بالموضوعية والحياد وتتقيد بأسلوب تعبير محدد. وحتى الآن يقاوم العديد من الـBloggers مبدأ معايير الحياد إذ يعتمد نجاحهم على انطاباعاتهم وتجاربهم الشخصية لذا فهم أصبحوا مصدراً مهماً للمعلومات وذوي نفوذ لدى الرأي العام. في المقابل تقاوم المؤسسات الإخبارية الكبرى نزوع بعض صحافييها لهذا النوع من التعبير، فقد ضغطت محطة «سي إن إن» على مراسلها كيفن سايتس ليغلق الـBlog الخاص به في العراق وكذلك فعلت صحف أميركية كبرى خشيت أن تضر آراء صحافييها بصورة المؤسسات هذه وحيادها. في الولايات المتحدة فإن 27% من البالغين الذين يتصفحون شبكة الإنترنت يقرأون صحافة الـBlog بصفتها مصدراً جدلياً في الحياة العامة والسياسية!.

لقد أصبح الـBloggers لاعبين أساسيين في صياغة رأي عام وبالتالي فإن صراعات وأراء ودوافع هؤلاء لها انعكاس كبير، خصوصاً إذا أسيء استعمال الأخبار أو تم تقديم معلومات خاطئة. ومن الأدلة على ذلك هو سماح البيت الأبيض لمحرر موقع «فشبول دي سي» الإلكتروني، غاريت غاراف، بحضور المؤتمرات الصحافية مثله مثل غيره من مراسلي التلفزيون والصحف والراديو، وذلك في سابقة هي الأولى من نوعها كما كتبت صحيفة الـ«غارديان» في التاسع من الجاري.

ورغم أن هذا النقاش يكاد يكون غائباً في الساحة العربية، إذ يجهل كثيرون هذا المجال المستحدث في عالم الصحافة والإنترنت، إلا أن بعض المحاولات الخجولة لمثل هذا النوع من الصحافة بدأ بالظهور بصفته أحد مجالات التعبير في بلاد فيها القليل منها. لكن لا يبدو أن هذا الأمر سيلاقي انتشاراً واسعاً مع استمرار محدودية عدد المستخدمين العرب لشبكة الإنترنت والذين لا يتجاوز عددهم حتى اليوم حدود الـ4% من السكان.

[email protected]