الاتصالات تخسر

TT

عملت شركة الاتصالات، منذ بدء طرح خدماتها في سوق الاتصالات من دون منافسة، سيوفها في بطون المشتركين طعنا وبقرا، ولم يستطع أحد أن يوقف نزيف أمواله من جراء قائمة المصروفات، التي خاضت بأرجلها وايديها، في بطون المشتركين، مرة باسم رسوم اشتراك، ومرة رسوم خدمات، ومرة رسوم الرسوم، حتى كف المشترك عن عد القائمة، وصار يدفع وهو «ساكت»، حين هددته بحزم: إدفع نخدمك!

إلا أن شركة الاتصالات على ما يبدو أرادت أن تدخل دائرة منافسة أخرى غير حلب الأموال، حيث أعلنت منذ بداية بث «برنامج ستار أكاديمي» في دورته الثانية أنها ستوقف خدمة الـSMS لمنع التصويت للمشارك السعودي، لأن هذا البرنامج لا يتناسب مع تقاليدنا ولا عاداتنا ـ متناسية أن أرقامها تتصدر شاشات القنوات الغنائية الأخرى المختلفة ـ ولم تكمل شركة الاتصالات جزاها الله خيرا، معروفها معنا، فتدلنا على أهم البرامج التي تتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا التي تبثها القنوات الفضائية مجتمعة، وتركتنا حيارى في نص الطريق.

ولا يحق لنا أن نعترض على شركة تساهم مع مؤسسات المجتمع كافة في رعايتنا بفرض وصايتها علينا، وعلى أبنائنا، وتساهم معنا، في تربية ابنائنا الذين يطردون من الأسواق بحجة منع المعاكسات ويجلدون في الساحات العامة، وأمام المدارس بحجة أنهم عاكسوا، ويمنعون من لبس الجينز بحجة أنه يساعد على المعاكسة، وتحدد وزارة التجارة، شكل العباءات المسموح ببيعها للنساء ولونها وطولها ومقدار فتحة العينين في النقاب، الذي لا يحرض على المعاكسة، حتى أصبح عنوان الشباب في الحياة هو «المعاكسة»، وطمعا منا في الاتكال على من يربي عنا عيالنا ويحل مشاكلهم، سكتنا، لكن المفاجأة التي لم يكن يتوقعها أحد عند ظهور الحلقة التي ترشح فيها المتسابق السعودي على قائمة الخروج، وبعد أن أدركنا، أن المتسابق السعودي سيكون حظه ضعيفا، خصوصا أن بلاده التي سيصوت منها جمهوره المحلي، قد قطعت عنه خدمة التصويت بالـSMS ـ في لقاء ـ التصفية الأخير، وعند رصد طبول النتيجة النهائية، وعند ارتفاع دقات قلوب المتسابقين والمتفرجين معا، وعند ظهور لوحة نسب التصويت للمتسابقين، ظهر أن المتسابق السعودي هشام، قد حصد أعلى نسبة تصويت مرت على تاريخ البرنامج، بنسبه تزيد عن السبعين بالمائة!

فاز المتسابق السعودي! وخسرت الاتصالات رهان التربية وفلوسها! كنت أحدث قريبتي وابنتها تجلس قربنا، عن مقالتي التي شرحت فيها للاتصالات أن ممارسة الوصاية على الناس لا تجدي وأن منع الاتصالات ليس منهجا إيجابيا لتعليم أبنائنا الصواب من الخطأ: يعني لا تمنعوا الاتصالات يا اتصالات، فيكبر الموضوع. ما أن قلت جملة لا تمنعوا الاتصالات، حتى قفزت الصغيرة نحوي قائلة «لا يا خالتي قولي لهم يمنعونها! التفت وسألتها مندهشة: لماذا؟. قالت لأنه بهذه الطريقة، يفوز هشام (المتسابق السعودي)!. يبدو أن الصغيرة أدركت ما لم تدركه الاتصالات، مبسوطين يا اتصالات فشلتونا عند الصغار؟!!!

[email protected]