حقوق المرأة في الكويت

TT

للمرة الثانية خلال خمس سنوات، يتناول البرلمان الكويتي حقوق المرأة السياسية، وذلك بعد أن أجهضها بفارق صوتين في عام 2000، ويدور في الكويت جدل هذه الأيام حول هذه المسألة بين تيارين، الأول مدني يرى في إقرار الحقوق السياسية للمرأة أمرا طال انتظاره، وآخر ديني يقول بتحريم تصويت المرأة، أو في أحسن الأحول تحريم ترشيحها لعضوية البرلمان.

يستند الفريق الديني إلى فتاوى تحرم تصويت المرأة وترشيحها، فيرد التيار المدني الكويتي، بأن الفتاوى تتعدد في هذا المجال، فيقدمون فتاوى أخرى تحلل التصويت والترشيح «فالدين حمال أوجه»، ومجادلين بأن الكويت هي البلد الإسلامي الوحيد في العالم، الذي لا تصوت فيه المرأة.

الفريق الديني يرى أن طرح هذه المسألة، جاء نتيجة ضغوط خارجية على الحكومة، فيرد الفريق المدني بأن هذه المسألة أشار إلى أهميتها أمير الكويت ـ الشيخ جابر الأحمد الصباح ـ في أول خطاب له بعد تحرير الكويت عام 1991، وجاء مرسوم أميري بإقرار حقوقها عام 1999، أي قبل أحداث سبتمبر بعامين، كما أنها محور وركيزة من ركائز الخطاب المدني الكويتي، منذ إعلان الدستور عام 1962، ومن ثم فإن حجة الضغوط الخارجية ساقطة بحقائق توقيت مبادرات إقرار حقوق المرأة والمطالبة بها.

ويجادل التيار الديني، بأن في تصويت المرأة مفسدة واختلاطا للرجال بالنساء، فيرد عليهم أهل التيار المدني، بأن المرأة تصوت في كل دول العالم الإسلامي، كما أنها تصوت في الجمعيات والاتحادات والنقابات والأندية الرياضية الكويتية منذ عشرات السنين، ولم يشهد العالم الإسلامي مفسدة في تصويتها، كما أن تصويت المرأة الكويتية في كافة الانتخابات المحلية الأخرى، لم يعزز نظرية المفسدة.

ويضيف التيار الديني تعزيزا لموقفه الرافض لمشاركة المرأة السياسية، بأن عضوية المرأة في مجلس الأمة تعتبر ولاية عامة محرمة على المرأة، وينبري المدنيون لتفنيد هذا الإدعاء، بأن مفهوم الولاية العامة مفهوم متخلف مضى به الزمان والتغيرات في المجتمع الكويتي والعالمي، وبأن كلمة «الوالي» كانت ترتبط بعبارات «أعطه يا حاجب ألف دينار»، أو «أضرب عنقه يا سياف»، وهذه مفاهيم لا علاقة لها بالتمثيل الشعبي، الذي يحدده الدستور بالتشريع للقوانين وبالرقابة على تنفيذها، وهي مسائل لا يحددها رجل أو امرأة، ولكنها تقتضي التوافق عليها بالأغلبية داخل البرلمان وإلا فإنها تسقط كأنها لم تكن.

فيقدم التيار الديني حجة أخرى لتعضيد موقفه بأن المرأة عاطفية، لا تصلح للتصويت الموضوعي، ولا للمشاركة الموضوعية، فيضيف مناوئوهم من القوى المدنية الكويتية، بأن ما قد ينطبق على المرأة، ينطبق على الرجل أيضا، فكم من رجل غلّب عاطفته القبلية أو الطائفية أو حتى مصلحته الشخصية على مصلحة الوطن العليا، وكم من نائب في البرلمان ـ الكويتي أو غيره ـ فقد عقله، وجاشت عاطفته، وتصرف بمشاعره أكثر مما تصرف بعقله.

الملاحظة المهمة أن التيار الديني لا يسوق مبررا دستوريا أو قانونيا واحدا في معارضته لحقوق المرأة السياسية، ويدعي خصومهم المدنيون بأن تجاهلهم للحق الدستوري للمرأة يعبر عن بواعث كامنة، لدى التيار الديني بعدم إيمانهم أصلا بالديمقراطية وبالتصويت حتى بالنسبة للرجل، ويسوق المدنيون تعزيزا لادعائهم فتاوى كانت قد صدرت من التيارين الدينيين الرئيسيين في البلاد ـ الإخوان والسلف ـ في السبعينات تحرم المشاركة في الانتخابات واعتبارها بدعة لا أساس لها في الإسلام. ويتساءل المدنيون الكويتيون: هل سيدعو الدينيون المعارضون نسائهم للمشاركة في الانتخابات في حال إقرارها؟ أم أنهم سيدعون إلى المقاطعة لحرمتها؟

الجدل في الكويت حول حقوق المرأة السياسية ـ رغم تأخره ـ يعبر عن حالة صحية، وإن بدت الأمور لصالح إقرار حق المرأة السياسي في ظاهرها ـ أقول في ظاهرها!