محليات!

TT

همس الصالونات وأحاديث المجالس يدور منذ مدة عن كيان إداري جديد ومؤثر قرب قدومه في الساحة الرسمية السعودية، وزارة جديدة ستطلق معنية بالحكم المحلي، ومرشح لتوليها شخصية قيادية معروفة بالتميز.

والحكم المحلي هو صفحة جديدة ومهمة في مسيرة بناء كيان الدولة المعاصرة، وتطور لافت للعمل السياسي المؤسسي، وملف الحكم المحلي معني بصورة رئيسية بتطوير علاقة المواطن بالدولة، وذلك من خلال الإمارات والمحافظات ومجالس المنطقة المشكلة.

وهذا الملف مع ضخامته وحساسيته فهو بالغ الأهمية وشديد التأثير على حياة المواطن، ويأتي في توقيت جيد ليطرح في شكله الوزاري المقترح، واليوم ومع الازدياد الكبير للسكان وازدياد الحجم الجغرافي لعدد غير بسيط من الإمارات التقليدية وإضافة المحافظات لها، قد يكون من المرشح والمدروس زيادة عدد المحافظات وتوسيع عدد الإمارات لتتناسب مع الاحتياج الجديد.

التحدي الإداري الأبرز في هذه الخطوة الكبيرة هو إزالة الروتين والمركزية والبيروقراطية والعقبات والحواجز ما بين المواطن والدولة، سواء أكان ذلك في نوعية القرار بشقيه المالي والإداري وعدم الاعتماد على مركزية القرار في تحديد ذلك لدى جهة ما، أو في توقيت القرار وتقديمه بحسب الاحتياج الفعلي لا بحسب «برمجة» ذلك وسط أولويات أخرى تؤثر عليها وتضيعها.

تجارب مؤسسات الحكم المحلي في العديد من دول العالم تبين وتوضح أهمية بناء جسور الثقة ومنح عناصر المشاركة في صناعة القرار، ولعل دولا كالهند والصين وبريطانيا وهي التي عرفت بمركزية وتعقيد شديد وبيروقراطية تاريخية في صناعة القرار شهدت تغيرا وتطورا ملحوظا يمنح الإدارات والأقاليم حرية في تحديد أولويات قراراتها وأهميتها.

دور الإمارات والمحافظات كان بالسعودية ولسنوات غير قليلة، وظل، مهما لظروف تاريخية، والآن هذه الأدوار مرشحة للتطور لتمكين الأجهزة الإدارية في كل إمارة ومحافظة من تطوير الأداء الإداري بشكل ملموس لتلبية احتياجات المواطن وتنفيذ الخطط التنموية الموضوعة من قبل الدولة.

الحكم المحلي أساسا كفكرة له علاقة مباشرة بمراعاة مفهوم الخدمة العامة المنشود، وسيكون الأداء المنتظر ذا مغزى وفعالية أكبر إذا صاحبته شفافية ومساءلة ومحاسبة تثيب من أحسن وتعاقب من أساء فيصبح الحكم المحلي محليا بتشديد اللام وفتحها! وهذا مطلب سوي وأمل جميل رائع يستحقه المواطن وتقدر عليه الدولة.