كيف تصافحوا؟!

TT

المصافحة باليد دليل على التواصل.. وأن كلا منهما كان بلا سلاح وبلا خوف.. وكأن السلام يقوى بالسلام. وفي جنازة البابا يوحنا الثاني مد رئيس إسرائيل قصاب يده لتصافح الرئيس الإيراني خاتمي. وكلاهما من بلد واحد. ثم مد الرئيس الإسرائيلي يده إلى الرئيس السوري بشار الأسد.. ويقال مرتين.. وصافح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.

وعندما زار الرئيس السادات إسرائيل صافح مناحم بيجين وتعانقا بحرارة. ونظرت جولدا مائير إلى هذا المنظر الفريد وقالت عبارتها الشهيرة: إنهما لا يستحقان جائزة نوبل وإنما يستحقان الأوسكار!

أي أنهما ممثلان عظيمان. فالسياسة فيها قدر كبير من التمثيل، وحصل الاثنان على جائزة نوبل للسلام.

ولما صافح الرئيس السادات جولدا مائير قال لها: أهلا بالسيدة العجوز. ولم ترد. ولكن بعد يوم أعلنت الصحف أن السادات رزق حفيداً. فأرسلت له جولدا مائير باقة من الورد مع هذه العبارة: من السيدة العجوز إلى السيد العجوز!

وعندما صافح السادات شارون قال له: أنت كنت ستشعل الحرب بيننا!

لأن شارون قد قام بمناورات عسكرية من دون أن يخطر قوات الأمم المتحدة التي كانت ستخطر مصر بذلك!

ولما صافح موشى ديان قال: من اليوم لا حرب يا موشى. فقال ديان: شكراً سيادة الرئيس!

وبعد ذلك تصافح عرفات مع اسحاق رابين ومع شيمعون بيريس.. وذهب عرفات للعزاء في رابين وبكى في بيت رابين حزناً عليه.

وعندما طلب الرئيس كلينتون من عرفات أن يزوره في البيت الأبيض، نادى مستشاريه وقال: مصافحة فقط وأحضان بلا قبلات، فكروا معي.

وكانت النصيحة المفيدة من سفير أميركا لدى مصر ولدى إسرائيل آلان كورتر. فقال للرئيس كلينتون عندما يهجم عليك عرفات ضع يدك على كتفه، واجعلها ممدودة مشدودة وفي هذه الحالة لا يستطيع أن ينال خديك. وهذا ما حدث!

وعندما أقام لنا عمرو موسى غداء لعرفات في وزارة الخارجية. سألني عمرو موسى: وماذا ستفعل؟

قلت: لن أسمح بقبلاته.

ـ كيف؟

ـ سوف ترى.

وجاء عرفات وقال لي: أنت النهاردة هاجمتني بعنف.. ورغم ذلك سوف أقبلك، وحاول ولكني لم أكن أعرف نصيحة السفير الأميركي. وإنما طبقت عليه ما يطبقه علينا الدكتور مصطفى كمال حلمي رئيس مجلس الشورى.. فهو يصافح من بعيد ـ أي يمد يده قبل أن تصل إليه، ويخطف يده من يدك ـ فلا قبلات!

ولا تزال المصافحة باليد عادة شرقية غالية علينا. والأوروبيون يكتفون بهز الرأس أو خفضها. ولكننا لا بد أن نصافح. أسوأ من ذلك: القبلات.

فعندنا في مصر وفي الشرق العربي: أحضان وقبلات. وقد تلتقي بصديق لك عدة مرات في اليوم. ولا بد من القبلات التي لا معنى لها. وفي نفس الوقت إذا لم تفعل كان نوعا من اللامبالاة والتعالي. فأصبحت عادة سيئة.

انهم في الهند أحسن ناس.. لا مصافحة باليد ولا قبلات. وإنما يرفع الإنسان يديه ويضم كفيه مع انحناءة خفيفة. وفي هذا ما يكفي دليلا على الاحترام وكل المعاني الحلوة.

وفي دول الخليج: قبلات على الكتفين وعلى الجبهة وعلى الأنف. وكل واحدة لها معنى. مع إنه لا معنى لكل ذلك. وهز الرأس يكفي. ولكن أحداً لا يجرؤ على ذلك. فالتقاليد أقدم وأرسخ!