المرأة بلدي

TT

التقيت وزير خارجية الكويت الشيخ محمد صباح السالم في مجلس الأمة. وحاولت ان اعرف آراءه في الديبلوماسيات العربية لكنه كان مشدودا الى المناقشة الجارية في القاعة حول تصويت المرأة في الانتخابات البلدية. وقلت له إن الكويت غابت عن الساحة العربية منذ الغزو العراقي ولم تعد. وفي الماضي كان للكويت دور سياسي قبل أي شيء. فمتى يعود هذا الدور؟

وقال الدكتور محمد: الكويت لم تنتقل فقط من الاحتلال الى التحرير. بل انتقل العالم العربي منذ التسعينات من مرحلة الى مرحلة. ومن الزمن الخطابي الى الزمن العملي. وفي هذه المرحلة ندرك ان دورنا محدود واولوياتنا واضحة. وهذا لا يعني الانسحاب من دور ما، او الخروج منه. إلا ان دورنا الآن هو واجباتنا ضمن الاسرة العربية. وفي اولوياتنا الاساسية الانفتاح على العراق عبر كل الابواب لكي نؤكد اننا كنا صادقين عندما كنا نقول ان المشكلة مع النظام وليس مع اخوتنا العراقيين الذين كانوا ايضا تحت الظلم.

هل انتهى الهاجس العراقي الى غير عودة ؟ هل هناك قضايا حدودية مع ايران ؟ هل الوضع الحالي مقلق ؟ يقول الدكتور محمد: «لقد انتهى بالنسبة لنا النظام الذي قلب استقرار العالم العربي برمته. واسباب الفرقة خفت كثيرا بعد زواله. ولكل دولة قضاياها في جوارها. لكن ايران دولة تحترم المواثيق والاتفاقات والنصوص الدولية. واما القلق او الاطمئنان العام فليس قضية الكويت وحدها. نحن في مرحلة انتقالية سببها الوضع في العراق. وعندما يستقر سوف تستقر المنطقة كلها. ان العراق الديمقراطي والهادئ سوف يكون مصدر سكينة لجيرانه جميعا وليس فقط للكويت».

كان وزير الخارجية الكويتية فرحاً بنتائج التصويت في مجلس الامة، وعكست «الرأي العام» صباح امس مشاعر الناس بعنوان عريض يقول «المرأة.. بلدي»، وهو مأخوذ من اغنية فيروز «بيقولو صغيِّر بلدي». لكنني عندما ذهبت ظهر امس لمقابلة رئيس مجلس الامة الاستاذ جاسم الخرافي كان هناك شيء من الوجوم: «المشروع لن يمشي الى نهايته. هناك تعديلات لن تقبل بها الحكومة، مثل التصويت للشرطة والجيش من اجل عدم اقحامهما في السياسة. وبالتالي فان هذه المرحلة او البداية من حقوق المرأة السياسية سوف تتأخر»!

رئيس مجلس الأمة معني بالتوازن في البلد اكثر من أي شيء آخر. قد يتأخر قانون او يتقدم آخر، ولكن الاولوية هي للابقاء على التوافق العام في اعمق صورة. واذ تتطلع في ارجاء هذا المبنى الشديد الاتساع، يمكن ان ترى انه يعكس رؤية الرجل الى وضع الكويت. هنا يتألق هدوء اهل الوسط، وهنا يشتعل أهل الاشتعال ثم يهدأون وهنا يعبر كل فريق بطريقته، حادة او هادئة او قانونية، ولكن في النهاية تحت سقف واحد. أي تحت سقف وطني واحد وسقف سياسي واحد وايضا تحت سقف واحد من النظرة الى العلاقات العربية. ويشبه هذا التوازن الى حد بعيد شخصية جاسم الخرافي. او الميزان القائم بين الحكومة والبرلمان. وهي، في الكويت، مهمة شاقة ومضنية.