ذكرى مذبحة الأرمن

TT

تمر علينا الذكرى التسعون لواحدة من أبشع عمليات الإبادة الجماعية للبشر وهي مذبحة الأرمن التي تشكل حلقة ، في سلسلة جرائم ضد الإنسانية ارتكبت ضد العديد من الشعوب. مجازر ضد اليهود وضد الأكراد وضد الفلسطينيين وضد الأرمن.

قبلها بقليل كانت مناسبة الهولوكوست، وهي تلك الجريمة التي ارتكبها هتلر في حق اليهود ، ويومها امتلأت الصحف والإذاعات والتلفزيونات بحوارات ومناقشات كثيرة حول تلك المذبحة. صحيح أن واجبنا الإنساني هو التضامن مع الضحايا اليهود للنازية ، ولكن المؤسف أن البشر ما زالوا انتقائيين حتى عندما تتعلق المسألة بالماضي، فجرائم قتل اليهود تتحول إلى مناسبة عالمية ، وتقام النصب التذكارية والمتاحف للضحايا وهو أمر مطلوب ، ولكن ماذا بشأن مذبحة الأرمن ، ولماذا هذا الصمت السنوي الرهيب على واحدة من أبشع جرائم التطهير العرقي، ولماذا الإصرار التركي على رفض تقديم الاعتذار العلني للشعب ألأرمني، رغم أن الجيل التركي الجديد لا ذنب له، ورغم أن الاعتذار سيكون عن جريمة تاريخية ذهب ضحاياها، وذهب مرتكبوها إلى الدنيا الأخرى؟

تعودت أن اكتب في ذكرى مذبحة الأرمن، وتعودت أن تأتيني رسالة من السفارة التركية في الكويت تحاول تبيان وجهة النظر التركية، المليئة بالهروب عن مواجهة النفس وقول الحقيقة.

هناك ذكريات مأساوية في تاريخ البشر يتم التعامل معها بانتقائية، ذكرى حلبجة الكردية تمر بهدوء رغم جريمة القتل بالأسلحة الكيماوية لعائلات بريئة لا ذنب لها. ذكرى صبرا وشاتيلا وقبلها دير ياسين حيث يذبح الناس كالخراف وبطريقة وحشية. ذكرى جريمة صدام حسين في الكويت، قتل الناس وتخريب بلد وحرق أكثر من خمسمائة بئر نفطية في واحدة من أعظم جرائم البيئة في التاريخ.

ليتنا جميعاً نقرأ خطاب رئيس وزراء اليابان الذي يعتذر فيه لكل أمم الأرض التي كانت ضحية المرحلة الاستعمارية اليابانية. لقد اعتذر بلغة صريحة وواضحة وجلية وبفخر، وهي ميزة بشرية عظيمة وخاصة أن كل ما نطلبه هو مجرد اعتذار.. وهو أضعف الإيمان.