البحيرات المرة الثانية

TT

اللقاء الاول بين ملك سعودي ورئيس أميركا كان بمنطقة البحيرات المرة بمصر وفيه كان بداية رسم علاقة استراتيجية مهمة بين البلدين.

ومنذ أيام شهدت قرية كروفورد الصغيرة بولاية تكساس في قلب الريف الاميركي قمة ثانية بين الامير عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الاميركي بوش، والتي أسفرت عن نتائج في غاية الاهمية. نتائج مميزة على اصعدة اقتصادية وسياسية وأمنية وثقافية نالت الرضا من المسؤولين من الطرفين وجعلتهم يتنفسون الصعداء بارتياح.

ولكن ما يجب عدم اغفاله أن هناك أطرافا في البلدين يقلقهما ويزعجهما هكذا اتفاق. فالمتطرفون في أميركا يرون أن هذا الاتفاق بمثابة خسارة لهم وتعطيل لأفكار ومخططات كانت لديهم، والمتطرفون في السعودية يشاركونهم نفس المنطق المذكور تماما. وكلا الطرفين المتطرفين يتقدمان بتلك الفكرة نتاج قراءة ضيقة وانغلاقية لعلاقات بلادهم مع سائر الأمم، سواء أكانت القراءة دينية أو سياسية أو ثقافية.

ما ورد في البيان الختامي كلام جميل وفيه الوعد بغد أفضل بين البلدين، سواء أكان على المستوى الاقتصادي في شأن الاستثمار والنفط والانضمام لمنظمة التجارة الدولية ، أو كان على صعيد التبادل الثقافي بالسماح للمزيد من الطلبة السعوديين والعسكريين للتعلم والتدريب وغير ذلك من الامور الاخرى.

جلسة المصارحة هذه كانت مطلوبة لإعادة الامور لسويتها. العلاقات السعودية الاميركية ظلت لسنوات دون مكاشفة وتعمق، ولذلك حين حدثت أحداث سبتمبر اصابت العلاقات بزلزال هائل استشعرت توابعه في مجالات عديدة ومختلفة.

الجانب النظري الجميل الذي تم في كروفورد سيلحقه «اختبارات» عملية للطرفين في الاصعدة المذكورة لتبيان واقعية ما انجز والمعوقات التي لا تزال على أرض الواقع. العلاقات السعودية الاميركية باتت من المطلوب أن تنتقل من علاقات ما بين الحكومات الى علاقات ما بين الشعوب عن طريق مؤسسات وجمعيات وهيئات يشكلها المجتمع المدني في البلدين، وتكون مبنية على رؤى ومصالح متقاربة ومصالح متقاربة وأسس، حتى بالتالي تكون جسورا إضافية لصناعة القرارات المهمة وصمامات أمان أخرى في حالة الازمات.

لم يحجز السعوديون لصيفهم القادم الى أميركا، لم تزدد طوابير الانتظار أمام السفارة والقنصليات طلبا لتأشيرة السفر، لم يعبئ الطلبة استمارات اضافية للمعاهد والجامعات الاميركية، لم يتوجه رجال الأعمال الاميركيون الى السعودية.. بعد. ولكن كل ذلك مرشح للتغير، ملفات الماضي لم تطو وخلافات المستقبل قد تلوح في الأفق ولكن جلسات المصارحة والمكاشفة والاستفادة من ذلك تقوي العلاقات ولا تضرها. قمة كروفورد الثانية أو كما أطلق عليها البعض البحيرات المرة الثانية نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين ولكن الأهم انها حقبة تاريخ جديدة بينهما لتدار الأمور ليس كما كانت ولكن كما يجب أن تكون.

[email protected]