جمهور ستار أكاديمي

TT

حدثني قريب لي، كيف عانى في مراهقته بسبب كونه عضوا في فريق من فرق الحواري، الذي يلعب في ملعب في آخر الحارة، حيث كانت لعبة كرة القدم في تلك الايام لعبة شاذة لا يتجه إليها إلا المنحرفون من الشباب الذين لا أهل لهم ولا رقيب، كانت طموح كل فاشل في دراسته، وكل ضائع ومتشرد، كانت كرة القدم مؤامرة صهيونية لتخدير الشباب، ولهوا يراد به شغل الشباب عن حرب فلسطين، مؤامرة إمبريالية لتغريب الشباب، وبالتالي فهي فعل محرم تلهي الشباب عن الصلاة.

وبعد ثلاثين عاما، صار لاعبو الكرة، من خريجي الجامعات ومن عوائل اجتماعية معروفة، يصلون ويحجون ويعتمرون ويراهم الناس في كل موضع ديني يقومون بواجباتهم الدينية، بل إن بعضا منهم ممن ساورهم شك في جواز لعبه لكرة القدم استأنس بنصيحة أحد الشيوخ الذي نصحه بأن يظل في موقعه قدوة للشباب الملتزم بالتقاليد الإسلامية.

صارت كرة القدم أكثر المشروعات المنظمة وأنجحها في الوصول لأهدافها، والفوز بكأس العالم والخليج، ونشر شعبيتها بين فئات الشباب، حتى أصابت باقي برامج الشباب الثقافيه الغيرة وطالبت بأن ترعاها الحكومة بنفس الآلية!

اليوم لم تعد كرة القدم تحظى بنفس الشعبية، الطلبة لا يزاولون الرياضة في مدارسهم إلا حصة في الأسبوع، فتحولوا إلى كتل من الشحوم المهددة بأمراض السكر والضغط والسرطان، وحصدت السعودية المركز الثالث في مرض السمنة بعد أميركا والكويت!

الملاعب الحوارية ابتلعتها الشوارع الإسفلتية، لم يعد الطفل ولا المراهق يجد له شبرا يؤرجح بقدمه السمينة كرة قدم، الأندية الرياضية شبه منعدمة، لم يجد الشباب المراهق والأطفال، غير التسدح أمام برامج الفضائيات التي استثمرت هذا الظرف، لصالح تكديس برامج شبابية تحلب منهم الأموال بالاتصال المدفوع، وجد الشباب ناسا فرحة على الدوام تغني وترقص، ومن ضمن ما وجد برنامجا اسمه ستار اكاديمي، فتكاتفوا لتفويز مرشحهم السعودي، لكن الحال المايل هذا، لم يعجب بعض الناس، فهاجموه في الصحف، الهجمة ذاتها، المؤامرة الصهيونية، الإمبريالية، إفساد الشباب، مقالات لا تؤكد غير شيء واحد ، أن الجميع من كافة الفئات العمرية يشاهدون البرنامج، صار معظم المجمتع السعودي مراهقا دون أن يفطن أن البرنامج مخصص لفئة المراهقين، وبدلا من النظر إلى الأمر على أنه مجرد برنامج فضائي للمراهقين «فقط»، جرى تقييمه على أنه مشروع غزو فضائي، سيدمر الأخلاق والشباب والعائلة والمجتمع.

حاربنا من قبله شخصية كارتونية يابانية اسمها «البوكي مون» تحت مزاعم أن اسمها الغريب فيه تجديف، رغم تقارير السفارة اليابانية تحلف وتقسم بأن الاسم مجرد من كل المزاعم، لكنا قلنا لها إننا نفهم الياباني أحسن منهم، فغاب النموذج الياباني وبقى النموذج الأميركي يتسيد الشخصيات الكارتونية، انتصرنا على لعبة «البوكي مون» لكننا لم ننتصر بعد على إسرائيل، لأن «ستار اكاديمي» أشغلنا.

بالأمس أقرأ في الصحف أن نصف تذاكر حفل ستار أكاديمي الذي سيقام في البحرين 5000 تذكرة خطفها السعوديون، ترى من يمثل هؤلاء؟

[email protected]