بلاغ ضد بولتون.. من أجل مرشح أفضل للأمم المتحدة

TT

تتلخص اكبر مشكلة لي بشأن ترشيح جون بولتون كسفير لدى الأمم المتحدة في حقيقة بسيطة: انه ليس أفضل شخص للمهمة، بل وليس قريبا منها. واذا كان الرئيس جورج دبليو بوش يريد جمهوريا عنيدا في الأمم المتحدة، وشخصا يتمتع بأصول محافظة يمكن أن يثق به، ومقربا من الرئيس يمكنه أن يقيم تحالفات، ويعرف مبنى الأمم المتحدة والبيروقراطية داخله وخارجه، ويستطيع العمل بصورة جيدة مع وزارة الخارجية، ويحظى باحترام أصدقاء اميركا واعدائها على السواء، فان الخيار واضح، وهو ليس جون بولتون.

انه جورج هربرت دبليو بوش المعروف بالرئيس الحادي والأربعين. فما من أحد يمكن أن يكون سفيرا في الأمم المتحدة بالنسبة لبوش، الرئيس الثالث والأربعين، أفضل من بوش، الرئيس الحادي والأربعين. تأملوا الأمر، فقد عاد الرئيس جون كوينسي آدمز الى الكونغرس بعد أن عمل رئيسا. فلماذا لا يتعين أن يتخذ جورج هربرت دبليو بوش جولة اخرى في حلبة الرقص الدبلوماسية التي أحبها كثيرا وترك فيها أكبر آثاره ؟ وقد اظهر مؤخرا في قفزاته بالمظلة انه يتمتع بالقدرة على تحمل المهمة، وكان أداؤه كسفير اغاثة في كارثة تسونامي نجاحا كبيرا.

ولكن هناك مبرر افضل لتفضيل الرئيس الحادي والأربعين على السيد بولتون. فالبيت الأبيض يدعي أنه بحاجة الى السيد بولتون المتشدد مع الأمم المتحدة ، من أجل أن يدفعها الى صيغة محددة ويشرف على الاصلاح الفعلي هناك. لكننا لا نحتاج الى سفير لدى الأمم المتحدة لـ «إصلاح» الأمم المتحدة. فذلك ليس ما تحتاجه أو تريده أميركا من الأمم المتحدة. أتريدون أن تصلحوا الأمم المتحدة ؟ تريدون ان تحللوا ميزانياتها وتوقفوا عملياتها البيروقراطية، اذن كلفوا شركة ماكنسي وليس جون بولتون.

ويعتبر «اصلاح الأمم المتحدة» دونما شك واحد ، من أكثر الشعارات ارهاقا وخواء ومحافظة. انه هناك الآن بالارتباط مع «التبديد والاحتيال واساءة التصرف» في ميزانية وزارة الدفاع. واذا كان البيت الأبيض قلقا بشأن التبديد والاحتيال واساءة التصرف فلنبدأ بتوم ديلاي ومجلس النواب.

وأقولها صريحة ، بأننا لا نحتاج الى مستشار اداري كسفير لنا في الأمم المتحدة. ان ما نحتاجه هو شخص يمكن أن ينتزع أكبر ما يمكن مما تقدمه الأمم المتحدة الى أميركا. فليس هناك سر بشأن الأمم المتحدة، حيث من بين أسوأ الأشياء وجود كثير من الأشخاص ممن لا يتحدثون الانجليزية، وحيث يقوم هؤلاء الأشخاص بين حين وآخر بأمور مضحكة، مثل تعيين ليبيا للاشراف على حقوق الانسان، بل وأمور زائفة مثل الاعلان عن أن الصهيونية عنصرية.

ولكن منظمة الامم المتحدة في أحسن أحوالها كانت وسيلة لتضخيم قوة الولايات المتحدة ، وساعدتنا على تحقيق مهام عالمية مهمة نعتبرها تصب في صميم مصالحنا. فكلما كسبت واشنطن الامم المتحدة الى جانبها، اكتسبت أعمالها وخطواتها في الخارج المزيد من الشرعية والمؤيدين والشركاء المساهمين بالدعم المادي.

اذا نجحنا في الحصول على مصادقة الامم المتحدة وموافقتها قبل ذهابنا الى العراق، ربما كسبنا الى جانبنا المزيد من الحلفاء لمشاركتنا في الأعباء التي تقدر جملة تكلفتها بحوالي 300 مليار دولار، فضلا عن المزيد من الشرعية ، وبالطبع المزيد من الوقت والمجال لتحقيق اهدافنا هناك. ذهابنا الى العراق بدون الامم المتحدة لم يكن كارثة، إلا ان الأوضاع ربما كانت اكثر سهولة (وأقل تكلفة) اذا رافقنا الى العراق تحالف حقيقي يستند الى الامم المتحدة.

باختصار، لا اهتم كثيرا بكيفية عمل منظمة الامم المتحدة كجهاز اداري، لكنني اهتم فعلا بإمكانية مشاركتها في دعم ومؤازرة وتعزيز قوة الولايات المتحدة. هذا على وجه التحديد هو ما يخدم مصلحتنا الوطنية. ولأن هذا هو ما اريده من الولايات المتحدة، ارغب في ان يكون لواشنطن سفير في الامم المتحدة قادر على بناء التحالفات، ودبلوماسي بارز يكون قادرا في معظم الأحيان على إقناع الدول الاعضاء في الامم المتحدة على العمل لدعم مصالح الولايات المتحدة. لا اعتقد ان هناك من هو افضل من الرئيس الاسبق جورج بوش الأب، بتجربته الدبلوماسية الواسعة، ولا أعتقد أن هناك من هو أسوأ من جون بولتون لشغل هذا الموقع. ففترة عمل بولتون في الإشراف على مساعي الولايات المتحدة في الحد من إنتاج السلاح النووي حققت نجاحا في حالة ليبيا ، وفشلا تاما في حالتي كوريا الشمالية وإيران. ليس لدي مشكلة مع بولتون في ما يتعلق بمنح بولتون وظيفة اخرى او إبقائه في الوظيفة التي كان يشغلها مسبقا، والتي عمل فيها بتفان وإخلاص. ولكن لدي مشكلة مع ما يجري حول تعيينه سفيرا في مؤسسة لا يكن لها سوى الازدراء، ولشغله لوظيفة لا يملك المهارات اللازمة التي تتطلبها؟

الرئيس جورج دبليو بوش في حاجة الى الاتصالات بغرض العثور على الشخص الصحيح لشغل هذا الوظيفة، وهو بوش الأب. واذا كان بوش الأب لا يستطيع شغل هذا الموقع، فيجب على بوش الابن محاولة إقناع الرئيس الأسبق كلينتون لشغله.

* خدمة «نيويورك تايمز»