إصلاح الإعلام

TT

مر اسبوعنا هذا ساكنا على الاعلاميين مع ان الثلاثاء كان يوم الحرية الصحفية. والسكون لا يخفي حقيقة اضطرابات المرحلة التي نعيشها اعلاميا. فالوسط الاعلامي العربي، مثل نظيره السياسي العربي، يحتاج الى الاصلاح والتطوير. والاعلام صار جزءا اساسيا من الآلة السياسية، وجزءا من السوق الاقتصادية الكبيرة. كذلك، فنحن نتحدث عن اكثر من 13 مليار دولار حجم الاعلام الحكومي والخاص في المنطقة.

وكما انتبهت شركات الهاتف الجوال الى انها تستطيع ان توسع سوق مبيعاتها وخدماتها من خلال الاعلان والاعلام، أدركت الحكومات مبكرا طبيعة الوظيفة، سلبا وايجابا، فصارت تحجر عليها او تربكها.

وفي تصوري ان السنوات العشر الماضية كان لوسائل الاعلام فيها نصيب مهم في نقل الحركة السياسية والاجتماعية للامام، واحيانا كانت سببا في التراجع الى الخلف. ومن الواضح ان الاصلاح السياسي لن يحدث بدون حرية تعبير، ولن توجد حرية تعبير بلا احترام لحريات وسائل الاعلام. فالاعلام هو الاسرع في التفاعل والتواصل ونقل الافكار وتبادل الآراء وخلق المناخات الجديدة.

وحتى لا يتحول يوم الحرية الصحفية الى اطراء للذات، فاننا نستطيع ان نرى عيوبنا، وهي نفس العيوب الموروثة جيلا عن جيل، والمتمثلة في القوانين القديمة التي لم تتطور مع تطور وسائل الاتصال، ولم تواكب التقدم الثقافي. وهناك عيوب مزمنة داخل المؤسسة الاعلامية العربية نفسها، وسببها ضعف اهتمامها بالتطوير المهني لافرادها، ومن عيوبها كذلك استمرار العقليات المأزومة فكريا في احتكار منابر الحوار وساحات الاخبار التي تقوم على الاقصاء، والرقابة الثقافية، والتقوقع. وبعكسها يمكن ان يلمس المتابع في الوسائل الاكثر انفتاحا وثقة في نفسها، نزاعا صحيا بين الافكار والمدارس والقيادات، بما يعكس حال المجتمع العربي بكامله. كما يمكن ان نرى الشد والجذب بين الوسائل نفسها، الالكترونية مع الورقية مع المرئية، والتي تصب أخيرا في صالح الاعلام والمجتمع.

واذا كان هناك ما يستحق الالتفات اليه في اطار اصلاح وتطوير المجتمع والاعلام العربي، فهو في الكليات الاعلامية. فالمدارس الصحفية ظلت، مثل المدارس الدينية والعلمية، قديمة لا تتواصل مع المجتمع الحديث، مع ان التعليم الاعلامي في العالم تبدل كثيرا. المؤسسات التعليمية الاعلامية العربية بقيت صغيرة الحجم، ومحدودة المشاركة، ومغرقة في النظرية. وربما نلام، نحن اهل المهنة، على عدم منحها الاهتمام والتواصل. فالعاملون في المهنة بفوقيتهم يرون ان لا علاقة لهم بها. وهذا صحيح الى حد كبير بكل أسف. لكن اذا كانت هناك من قنوات يمكن ان تطور الاعلام افرادا ومؤسسات، فلا بد من اشراك كليات الاعلام. فقد توسعت دوائر الاعلام، وخدماته، وادواته، وحاجاته، ولا توجد وسيلة لتمويله بالمؤهلين غير الكليات المتخصصة. ويمكن ان يكون لها دور ايضا في اصلاح الجسم الاعلامي مبدأ ومنهجا.

[email protected]