دعوى باطلة : أميركا لا تنافس نفسها .. !

TT

ظل الاقتصاد الأميركي على مدى عدة سنوات مسيطرا على المسرح العالمي ، وممسكا بزمام الأمور في العديد من الجوانب الرئيسية ، ما جعلنا نعتقد اننا ننافس انفسنا اقتصاديا. واذا تأخرنا في أي من الجوانب ـ سواء كان ذلك في الرياضيات او المهارات العلمية او تكنولوجيا النطاق العريض في خدمة الانترنت ، أو البنى التحتية للتكنولوجيا اللاسلكية ـ نعتقد في الغالب ان بوسعنا معالجة هذه المشكلة عندما نواجهها ، لأننا، وحسب اعتقادنا، ننافس انفسنا فقط.

إلا ان السنوات الاخيرة شهدت تطورات في المسرح العالمي ، وقد اثبتت اننا لا ننافس انفسنا. فانفتاح كل من الصين والهند وروسيا يعني ان الشباب في هذه الدول الثلاث بات يملك قدرات ومهارات فنية عالية في شتى المجالات ، وعلى وجه الخصوص في مجال التكنولوجيا. لكننا، للأسف، لا نأخذ هذا الواقع في الاعتبار على النحو المفترض.

خلال فترة مشاركتي في تدريس كورس حول العولمة بجامعة هارفارد ، خلال الفصل الدراسي الماضي ، ابلغني طالب بأنه مشارك في برنامج تعاون بين الطلاب في الصين والولايات المتحدة. وكان طلاب اميركيون وصينيون قد بدأوا يعملون على نحو منتظم من خلال الاتصال باستخدام برنامج «سكايبي» ، الذي يمكن مستخدمي الانترنت من الاتصال الهاتفي مجانا. أما الأمر المثير للاهتمام ، فهو ان هذا الطالب ابلغني بأن الطلاب الصينيين هم الذين دلوا نظراءهم الاميركيين على برنامج «سكايبي» واستخداماته ومزاياه، كما اخبرني ايضا بأن هؤلاء الطلاب الصينيين ليسوا من مدن كبرى مثل بكين وإنما من مدن صغيرة.

والى ذلك فقد اورد موقع CNET News.com يوم 7 ابريل (نيسان) الماضي ان جامعة إيلينوي احتلت المركز الـ17 في المنافسات النهائية للبرمجة التي تنظمها الرابطة العالمية للكومبيوتر. وتعتبر اكثر مرتبة متأخرة تحتلها هذه الكلية منذ بدء هذه المنافسة قبل 29 عاما. واحتلت المرتبة الأولى في منافسة هذا العام جامعة جياو تونغ الصينية بمدينة شنغهاي ، تليها جامعة موسكو ثم معهد سينت بيترسبيرغ للميكانيكا والضوئيات. وتشير النتائج التي احرزت خلال العقد السابق تفوق كليات ومعاهد آسيا وشرق اوروبا في هذه المجال، علما بأن المعاهد والكليات الاميركية لم تفز بهذه المنافسة منذ عام 1997، وهو العام الذي فازت فيه كلية هارفي ماد بالمنافسة. ويقول ديفيد باترسون، رئيس الرابطة المنظمة لهذه المنافسة ، واستاذ علوم الكومبيوتر بجامعة كاليفورنيا ببيركلي، ان الولايات المتحدة كانت تتفوق في هذه المنافسات الخاصة بمجال البرمجة لكنها الآن تحتل مرتبة متأخرة.

وفي أوائل هذا الاسبوع ، نشر تقرير خاص حول استطلاع جامعة انديانا بالنسبة للمدارس الثانوية حول مشاركة الطلاب، وهو التقرير الذي شارك فيه 90 ألف طالب ثانوي في 26 ولاية. وأشارت الدراسة الى ان 18 في المائة من طلاب السنوات النهائية لم يدرسوا دورة في الرياضيات في السنة النهائية في المدارس ، وان «اكثر من 22 في المائة من طلاب السنة الاولى في حاجة لدروس تقوية في الرياضيات» ، كما ان 56 في المائة من الطلاب الذين تم استطلاع آرائهم ذكروا انهم يبذلون جهدا كبيرا في العمل المدرسي، بينما ذكر 43 في المائة انهم يبذلون جهدا اكبر مما كانوا يتوقعون.

وبالرغم من ان 55 في المائة ذكروا انهم لم يدرسوا اكثر من ثلاث ساعات اسبوعيا، فإن 65 في المائة من هؤلاء حصلوا على درجة امتياز وجيد جدا. وقالت لي البروفسور مارثا ماكارثي من جامعة انديانا التي اشرفت على الدراسة : «ما نخشاه هو اننا عندما نتحدث الى الموظفين، يقولون إنهم لا يحصلون على المهارات التي يحتاجونها،» لأن الكليات لا تحصل على الطلاب الذين يملكون المهارات المطلوبة». وتقول مارثا ماكارثي ان واحدة من الأسباب الرئيسية وراء إجراء جامعة انديانا لهذه الدراسة ، هو إبلاغ خبراء التعليم في المدارس الثانوية عما يدور في مدارسهم ، لكي يمكنهم التوصل الى حلول. وأضافت ان كل تلك النواقص تبلورت عبر الزمن، «ولكننــا كــأمة قبلنــاهــا». وتذكرني اميركا اليوم بفريق كرة السلة الاوليمبي الأخير ـ هذه المجموعة التي تفتقر للحيوية التي عادت بالميدالية البرونزية. نعتقد ان كل ما نحتاجه هو الظهور ، وسينسحب الجميع ـ لأننا نتنافس مع ذاتنا».

ونعتقد باننا لسنا في حاجة للتركيز واللعب معا كفريق، أي يعمل الديمقراطيون والجمهوريون معا في ملعب كرة السلة ، وفي العالم الخارجي ، حيث يمكن للجميع الحصول على نفس تقنيات التدريب ووسائله ـ لأن فريقا اكثر تركيزا وحماسا يهزم دائما مجموعة من الأفراد الموهوبين ، رغم أنهم يشعرون بالرضا الذاتي.

* خدمة «نيويورك تايمز»