نعم.. لسنا ناضجين

TT

ازعج تصريح رئيس وزراء مصر، عن أن مواطنيه ليسوا ناضجين ديموقراطيا، كثيرين ، لكنها تبدو زلة بريئة، ونحن نعيش في موسم زلات الألسن. فها هو الرئيس المكسيكي في ورطة كبيرة، عندما فتح فمه مدافعا عن حاجة الاميركيين لمواطنيه المكسيكيين ، قائلا إنهم يقومون بأعمال حقيرة لا يقبل القيام بها حتى السود. وثارت منظمات الافارقة الاميركيين على هذه الكلام العنصري، ما اضطر الرئيس الى الادعاء، كعادة المسؤولين، الى ان المترجم اخطأ في الترجمة. الأكيد ان المترجم لم يخطئ، لكن الرئيس المكسيكي أيضا لم يعن بها كلاما مهينا. اراد القول إن مواطنيه يقومون بأعمال لا يقوم بها حتى افقر الناس في اميركا، كالسود. وهذه ليست عنصرية بل توصيف يردده قادة الجالية الافريقية الاميركية انفسهم، بان السود هم اقل حظا في الوظائف وأدنى في مستوى المعيشة ويؤدون ارخص الاعمال.

رئيس وزراء مصر قال كلاما مشابها في غمرة رحلته المهمة لواشنطن، لأنها تأتي في ظل توتر خفي بين الرئاستين الاميركية والمصرية حول الانتخابات في مصر. قيل إن الدكتور احمد نظيف قال إن المصريين ليسوا ناضجين ديموقراطيا، فهبت الانتقادات ضده دفاعا عن الشرف التاريخي الديموقراطي، ونفخا في نار تعديل الدستور. وانا لم اجد نسخة مؤكدة عن تصريح نظيف، لكن نسب اليه أنه قالها في إطار الحديث عن مواعيد تعديل الفقرة الدستورية، وضيق الوقت، واستفتاء المصريين حول التعديل. ويمكن ان يفهم تصريحه على محملين: واحد أن الوقت ضيق حتى يستوعب الناس مسألة التعديل والتصويت عليها شعبيا. هذا التفسير هو الأفضل ، لأنه يبرر ضيق الوقت لا جهل المصريين بالديموقراطية. اما المحمل الثاني أن لسان رئيس الوزراء زل فعبّر عما نقوله جميعا، عندما تطفأ الميكروفونات وفي الجلسات الخاصة ، بأن الشعب ليس مؤهلا بعد للديموقراطية. وصف صحيح لكن قوله أمر محرج، والحقيقة العارية كما تعلمون تجرح اكثر مما تداوي. نعم فالشعوب العربية ليست ناضجة ديموقراطيا، وهي حقيقة مؤسفة، وما عليكم إلا ان تشاهدوا المنتخبين وطروحاتهم، من الرافضين في مجلس الأمة لحق المرأة، الى ساحة الديكة المتصارعين في لبنان، وغيره. ولا بأس فالإنسان لا يولد مثقفا ديموقراطيا ، بل يتعلم من تجاربه. ولهذا السبب من حق المعارضة المصرية ان تصر على التعديل والانتخاب فورا، وبدء الدرس الديموقراطي حتى ينضج الشعب، وإلا متى سينضج ؟

نعم كانت هناك انتخابات في بعض الدول العربية منذ قرن تقريبا، لكن الانقطاعات الزمنية والانقلابات العسكرية والحروب الاهلية، غيبت الممارسة وقضت على القليل من التجارب الثرية، وحان موعد استئناف الدرس.

[email protected]