هل تملك المرأة السعودية الوعي بحقوقها..؟!

TT

نشر في جريدة أم القرى، الجريدة السعودية الرسمية، بتاريخ 6 جمادى الآخرة، من هذا العام الهجري 1425هـ قرار عن مجلس الوزراء السعودي، يعتبر وثبة كبيرة في مجال تفعيل دور المرأة في عجلة التنمية الوطنية. إلا أنني أتساءل كم عدد النساء اللواتي اطلعن على هذا القرار؟ وكيف يتسنى للنساء ممارسة حقوقهن وهن لا يدركنها؟!

ها هي المرأة السعودية تطالب منذ فترة بدور لها في مجتمعها. ونعرف أن المرأة السعودية اليوم على درجة عالية من العلم والثقافة. كما أن عدداً لا بأس به منهن يملكن من المال ما يمكنهن من الاستثمار في مشاريع تدفع بعجلة الازدهار قدما. المرأة تشكل 50% من المجتمع السعودي، ولذلك فإنها تعد مورداً بشرياً أساسياً لتطبيق مبدأ السعودة والاستغناء عن العمالة الوافدة. إلا اننا وبقراءتنا للصحف المحلية نجد ان الموضوعات التي تبحث عن أسباب تدني مستوى مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والعامة في البلاد مردودة في الدرجة الأولى الى قلة وعيها بحقوقها.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة هو: على من تقع مسؤولية نشر الوعي الحقوقي بين النساء؟

هنا وقبل الرد على السؤال يجب استعراض قرار مجلس الوزراء، مفصلاً، ومن بعدها التطرق إلى وسائل تفعيله بالشكل المناسب.

فقرار مجلس الوزراء برقم 120 وتاريخ 12/4/1425هـ. الذي اشرنا اليه في فاتحة المقال، يشير الى التالي:

1 ـ على الجهات الحكومية التي تصدر تراخيص لمزاولة الأنشطة الاقتصادية ـ كل جهة في مجال اختصاصها ـ استقبال طلبات النساء لاستخراج التراخيص اللازمة لمزاولة تلك الأنشطة التي تمنحها هذه الجهات وإصدارها وفقاً للأنظمة والضوابط الشرعية.

2 ـ على جميع الجهات الحكومية التي تقدم خدمات ذات علاقة بالمرأة إنشاء وحدات وأقسام نسائية ـ بحسب ما تقتضيه حاجة العمل فيها وطبيعته ـ خلال مدة لا تزيد على سنة من تاريخ صدور هذا القرار.

3 ـعلى مجلس الغرف التجارية الصناعية تشكيل لجنة نسائية من ذوات الخبرة والكفاية، تتولى التنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتشجيع منشآت القطاع الأهلي على ايجاد أنشطة ومجالات عمل للمرأة السعودية دون أن يؤدي ذلك إلى فتح ثغرة لاستقدام عمالة نسائية وافدة، وتهيئة فرص اعداد السعوديات وتأهيلهن وتدريبهن للعمل في تلك الأنشطة والمجالات، وتوفير الدعم المادي والمعنوي اللازم لقيامها، على أن تسهم الجهات الحكومية ـ كل جهة بحسب اختصاصها ـ في تحقيق ذلك.

4 ـعلى الجهات ذات العلاقة تخصيص أراض أو مناطق داخل حدود المدن وتهيئتها لاقامة مشروعات صناعية تعمل فيها نساء.

5 ـعلى صندوق تنمية الموارد البشرية أن يولي أهمية خاصة لتدريب النساء السعوديات وتوظيفهن ضمن خططه وبرامجه.

6 ـعلى وزارة العمل التنسيق مع وزارة الخدمة المدنية ووزارة الشؤون الاجتماعية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ أسلوب العمل عن بُعد كأحد المجالات الجديدة التي يمكن أن تعمـل من خلالها المرأة، وتنفيذ برنامج الأسر المنتجة، وتوفير الدعم اللازم لانجاحهـا.

7 ـعلى وزارة العمل بالاشتراك مع وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة الخدمة المدنية وضع خطة وطنية متكاملة للقوى العاملة النسائية السعودية، تحدد الاحتياجات الفعلية من القوى العاملة النسائية في مختلف التخصصات خلال سنة من تاريخ صدور هذا القرار.

8 ـقصر العمل في محلات بيع المستلزمات النسائية الخاصة على المرأة السعودية، وعلى وزارة العمل وضع جدول زمني لتنفيذ ذلك ومتابعته.

9 ـعلى وزارة العمل ووزارة التجارة والصناعة ومجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية دراسة إجازة الأمومة للمرأة العاملة، للنظر في مدها بما يعطي حافزاً وميزة إضافية للمرأة وبما لا يؤثر على الرغبة في توظيفها.

إذن، هذا هو ما نص عليه قرار مجلس الوزراء. وعند قراءتي لهذا القرار اعترتني الفرحة. وبالتدقيق فيه وجدت أن على السيدات السعوديات أن يدركن ما هو مطلوب منهن ولا يستمِررْن في التذمر والشعور بالظلم.

لقد جاء هذا القرار ليغطي جميع جوانب الاستثمار النسائي من توظيف الأموال وخلق فرص العمل ـ حتى عن بُعد ـ والأخذ بعين الاعتبار ضرورة تعديل نظام العمل والعمال ليتوافق مع وظيفة المرأة الأولى ألا وهي الأمومة. كما وضع فترة زمنية محدودة للعمل بهذه التوجيهات. وأهمية هذا القرار انه صادر عن مجلس الوزراء الذي هو الهيئة النظامية.

إذا أخذنا القرار بنداً بنداً لوجدنا:

* انه تعميم على جميع الجهات الحكومية المختصة بمزاولة الأنشطة الاقتصادية.

* انه يطالب بتسهيل وصول المرأة إلى الإدارات الحكومية بإنشاء أقسام نسائية.

* إناطة مسؤولية وضع خطة عمل لتفعيل هذا القرار باللجان النسائية التي شكلت في الغرف التجارية.

* إتاحة المناخ الاستثماري الملائم للسيدات في القطاع الخاص وإيجاد الحوافز لتشجيعهن على الابتكار وزيادة الإنتاج.

* المطالبة بإيجاد المهارات والكفاءات عن طريق التعليم والتدريب.

* المطالبة بوضع خطة وطنية للنهوض بالمرأة وحل المشكلات التي تواجهها.

بعد هذا العرض المفصّـل نرى أن الفرصة قد حانت للمرأة السعودية لكي يكون لها دور فعال في مجتمعها ووجود مؤثر في حركة نمو وازدهار وطنها.

وكنا نقول سابقاً ان من أهم معوقات ارتقاء المرأة هي:

نقص وعي النساء بحقوقهن. وعدم تعاطف الجهات المختصة في الدولة في دفع حقوق المرأة إلى الأمام مع أهمية هذا العامل في إحداث التحول الاجتماعي نحو إقرار هذه الحقوق وممارستها.وأيضا العامل الاقتصادي...

ولكن بصدور هذا القرار نجد أن الجهات المختصة ـ بطلب من مجلس الوزراء الذي يتعيّن عليه رسم سياسات الدولة كما جاء في المادة 19 من نظام مجلس الوزراء ـ أصبحت جاهزة لدعم مسيرة المرأة.

المسؤولية الآن تقع على عاتق الإدارات النسائية في الدوائر الحكومية وبصفة خاصة على اللجان النسائية في الغرف التجارية للقيام بما يترتب عليها لنشر الوعي بين النساء.

وهنا نسأل: ما الذي يتعين على هذه الجهات القيام به؟

والجواب، انه إلى أن يصبح للمرأة ادارة خاصة بشؤونها ترعاها وتلاحقها، فإننا نطالب بما هو متوفر الآن ونوجز ذلك بـ: أهمية القيام بدراسة برنامج يساعد على البدء في بناء القدرات المحلية يتم ذلك:

أولا وضع رؤيا استراتيجية أي دراسة يمكن إقحامها في المجال الميداني والعملي ـ وضع خطة ميدانية وتوزيع الأعمال والتقييم الدوري للمنجزات والمتابعة مع الجهات الحكومية ذات الاختصاص والتعاون معها وتعديل الخطة على ضوء التقييم ـ للوصول إلى الهدف.

وثانيا نشر الوعي الحقوقي ومفهوم الحق والواجب وذلك عبر استشارات قانونية. ومكاتب ملحقة بالمحاكم تعرّف بحقوق الأطراف في الدعوى وتتابع مع المعنيين شؤونهم. كما يتم ذلك من خلال بث الوعي في وسائل الاعلام المختلفة. واجراء دورات تدريبية للعاملين في الميادين المختلفة. وتوفر المعلوماتية الحقوقية وطرق الوصول إليها.

أكرر القول انه إلى أن نجد جهة مختصة بشؤون المرأة علينا أن نقوم بما في وسعنا خاصة أن هذا القرار قد صدر من فترة تزيد عن الستة أشهر والفرصة للعمل بجدية متاحة لنا.

لقد جاء هذا القرار لترسيخ حق المرأة في الاختيار خاصة في ظروف حياة اليوم التي اختلفت عما كانت عليه سابقاً وأصبحت المرأة في بعض الأحيان مجبرة على العمل وفي أحيان أخرى أوصلها تعليمها إلى درجة من الإدراك تحثها على أن تكون لها مكانتها المقبولة والمحترمة في خدمة مجتمعها وهي ان تطالب بشيء فإنما تطالب به في اطار ما نشأت عليه من قيم ومبادئ دينها وتقاليدها، وعلى ضوء هذا الدين الحنيف الذي سبق شرعه كل شريعة في اكرام وتعزيز مكانة المرأة. ونحن كلنا إيمان بطاقاتنا واننا نمثل قوة بشرية كافية لتحريك العجلة الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا.

نهاية ما فهمته من قراءة هذا القرار انه أتى لترسيخ حق المرأة في الاختيار فهي التي لها الحق أن تختار العمل أو تختار تحريك أموالها كما تشاء. كما أن لها الحق أن تختار المكوث في بيتها وتفرغها لرسالتها السامية. جاء لتذليل العقبات التي تشل حركتها وتشعرها بالغبن والإقصاء.

القرار ثبت القواعد الشرعية في المفهوم الإسلامي التي لا تتغيّر عبر الزمان والمكان.

وفي الأخير، فإن حقوق المرأة في صدر الإسلام هي نفس حقوقها في القرن الواحد والعشرين!