إيران عربية.. والقصيبي كويتي

TT

أن لا تعرف الطالبة الجامعية السعودية أن هافانا عاصمة كوبا، أمر من الممكن ايجاد الأعذار له، أما أن تجيب على أن دولة ايران عربية، وأن الأديب غازي القصيبي والاديبة أميمة الخميس السعوديين يحملان الجنسية الكويتية، وأن جريدة «عكاظ» المحلية غير سعودية.. فهذا كثير.

أظهرت دراسة قامت بها الدكتورة آمال صلاح عبد الرحيم، في جامعة الملك سعود بالعاصمة الرياض، نتائج مدهشة حول معلومات الطالبة السعودية. الدراسة تمت في خريف العام الماضي على عينة منتقاة ومتنوعة من الطالبات يدرسن في مختلف تخصصات العلوم الانسانية. والدراسة منشورة في المجلة الصادرة عن الجامعة الاميركية في الشارقة.

وأبرز النتائج كانت كالتالي: إن نسبة 60 في المائة من الطالبات لا يستخدمن الانترنت. وأن نسبة 75 في المائة لا يشاركن في الأنشطة الاجتماعية. وجهل 50 في المائة منهن بالعطاء الثقافي الذي تقدمه المرأة السعودية المثقفة. ولم تتعرف سوى 30 في المائة على العالم المصري أحمد زويل الحائز جائزة نوبل. وأن 45 في المائة فقط يعرفن أن تركي السديري (الدراسة أشارت إلى انه رئيس تحرير صحيفة «الوطن» والصحيح أنها صحيفة «الرياض») وغيرها من النتائج المفاجئة.

وكلمة مفاجئة، تعبير لطيف نوعاً ما، حتى لا نقول إنه مخجل. ولكن ما هي الأسباب الحقيقية الكامنة وراء تواضع الاهتمام المعرفي لدى الطالبة السعودية؟

تقول داليا: «منذ بداية دراستي في الجامعة لم أشاهد طالبة واحدة اشترت صحيفة لتتابع خبراً مهماً حتى لو كان سعودياً. جميع المجلات المتداولة بين الفتيات تهتم بآخر تقليعات الموضة والمكياج».

غير أن داليا، 20 عاماً، تعود وتوزع اللوم في اتجاهات أخرى أهمها البيئة الجامعية. وتضيف «منذ المراحل المبكرة ونحن لم نحظ بتشجيع على القراءة وفق خطط علمية. ولا توجد نشاطات جامعية تشد الطالبة نحو الرغبة في القراءة والاطلاع. غالبية النشاطات لم تتطور لا من حيث الوسائل ولا المضامين، فضلاً عن الكميات المهولة من المواد الدراسية لا تتيح المجال لأي فرصة لنشاط آخر».

للأسف ان الفتيات في أوقات كثيرة هن نتائج ولسن أسبابا. نتيجة الأم التي تجلس معها في المطبخ لتعلمها فنون الطبخ، ولم تفكر في الجلوس معها في مشاهدة برنامج ثقافي. ونتيجة الآباء الذين لم يرينهم فتياتهم يطالعون صحيفة في المنزل او كتاب. وضحية لمسابقات الجامعة في فنون التطريز، وضحية للمسابقات التي تطلب من الطالبة ذكر ثلاثة أسباب تمنعها من لبس العباءة على الكتف. والفتيات ضحايا أيضاً لأسلوب تعليمي عقيم لا يُعمل عقلاً بقدر ما يصيبه بالركود. وأنشطة صفية لا تخرج طاقات كامنة بقدر ما تصيب بالملل.

تقول منيرة، 19عاماً، «كتبنا المدرسية تكرر علينا ذات المعلومات في كل مراحلها، ولا يوجد فيها شئ عن ثقافات الاخرين ومراحل تطورهم. واللغة الانجليزية مهملة تماماً، رغم أنها توفر قدرة على الاطلاع بشكل كبير، خصوصاً للراغبات في استخدام الانترنت. ولكن ضعفها سبب في الانكفاء على الداخل بثقافته المحلية البحتة. بصراحة ينتابني الخجل في أوقات كثيرة عندما أجلس مع طالبات خليجيات من حجم معلوماتي مقارنة بما لديهن».

الفتيات السعوديات قادرات على اثبات وجودهن متى ما اتيحت لهن الفرصة. والنماذج في الخارج متعددة وكثيرة، ولكن المؤسف أن لا تكون هذه الفرصة متاحة بشكل كبير ومنظم من الداخل. يجب ان يحصلن على مساحة أكبر في التعبير، ويحظين بنصيب وافر من الالتفات الى احتياجاتهن الثقافية وتطوير وسائل التواصل معهن في الجامعات والمدارس. ووقف النظر اليهن بانهن على هامش المجتمع، وفي أحسن الأحوال يجلسن على مقاعد الاحتياط، يتم استدعاء خدماتهن وقت الحاجة، علماً بأن نسبة الجامعيات من الفتيات مقارنة بالشبان في السعودية تبلغ 58 في المائة.

أما الفتيات اللاتي فضلن الخمول وقصر ثقافتهن على آخر ما توصل اليه خبراء التجميل والموضة فقط فنصيحتي لهن اذا واجهن أسئلة في التاريخ.. أن يمتنعن عن الإجابة بحجة أنها جميعاً أحداث كانت قبل ولادتهن.

* مقال يتناول آراء الشباب حول قضايا الساعة

[email protected]