أربعائيات: تعذيب الذات

TT

كثير ما نتحدث عن الرفق واللطف بالناس. بل بالحيوانات والأشجار، وهو أمر أخلاقي وإنساني مطلوب. لكننا نغفل في أحيان كثيرة عن الحديث في موضوع الرفق واللطف بأنفسنا..!

أجسادنا وقلوبنا تستحق منا شيئا من الرفق، كثيرون منا يعذبون أنفسهم وينتحرون انتحارا بطيئا من دون أن يعلموا..! حين يثور الإنسان لأتفه الأسباب ولقضايا صغيرة يعتقد أنها نهاية الكون. في لحظة الثورة والغضب هذه تتم عملية عبث كبيرة بأجسادنا وقلوبنا. حين تثور براكين الغضب فإنها بالتأكيد تأكل من لحمنا ومن أعصابنا وتغير من توازن جميل خلقه الله في ذواتنا وفي عقولنا..!

الغضب على الآخرين وبكل شراسة وعنف هو غضب على النفس، هو تعذيب لأنفسنا..! المتضرر الأكبر من غضبنا على الآخرين هو نحن. حين نصب حمم غضبنا على الآخرين فنحن نخلق بركانا من اللهب والنار في داخلنا. وننسى أن أجسادنا وأرواحنا لا تستحق منا هذا التعذيب ..!

حين يصاب الإنسان بمرض الجشع والرغبة بالاستئثار في كل شيء، وجمع المال بكل طريقة بغض النظر عن نظافتها، وحين تكون مهمتنا جمع الأموال بأية طريقة فنحن نقوم بتعذيب ذواتنا.

إذا عشت حياة متوترة وأنت تحاول جمع الأموال فأنت الخاسر الأكبر. ربما يزداد رصيدك في البنك، لكن رصيدك من الطمأنينة والهدوء يتآكل. تلك اللحظة الجميلة في تناول قهوة الصباح. وتلك اللحظة التي نحدق فيها في السماء أو البحر أو الصحراء أو عيون الأطفال فنشعر أن الدنيا بخير، ستفتقدها وقد تتحول إلى حارس لأموالك وقد تعيش حياة من البخل والتقتير على نفسك وأهلك وأنت تعتقد أنك غني.

الطموح مطلوب في هذه الدنيا. ولكن حذار من الخلط بين الطموح المشروع، والحلم الذي لا علاقة له بالواقع. الطموح الذي يحولنا إلى آلة صماء لا تعرف الراحة، وإلى وجوه عابسة متجهمة لا تعرف الابتسامة ، هو عملية تعذيب لأنفسنا..!

انظر في مرآة نفسك. تذكر أن رحلة الدنيا قصيرة. أن الحياة جميلة. أن كل يوم يمر من حياتنا لن يعوض!! وحين تؤمن بهذه الحقيقة البسيطة ستشعر أنك مخلوق آخر.