وانتهى المؤتمر البعثي!!

TT

نتائج مؤتمر حزب البعث في دمشق تؤكد أن القوى القديمة في المجتمع ما زالت قادرة على فرض شروطها وبرامجها ومنع أية إمكانية للإصلاح والتغيير، وأن قوى التغيير ما زالت ضعيفة ومتواضعة الإمكانيات.

انتهى مؤتمر حزب البعث بالإصرار على المادة الثامنة من الدستور، التي تنص على أن «البعث يدير المجتمع والدولة»، وانتهى المؤتمر بعبارات مطاطة عن إصدار قانون للأحزاب، ومراجعة قانون الطوارئ، وتشكيل لجنة للقضاء على الفساد والتوجه نحو اقتصاد السوق.

الفلاسفة يقولون إنه ليست المشكلة في أن يقتنع الإنسان بأفكار جديدة، المشكلة كيف يتخلص أولا من أفكاره القديمة. ويبدو أن هذه الأفكار القديمة تسيطر على الفكر السياسي في دمشق إلى درجة مرعبة.

هناك فكرة أن سوريا ضحية «مؤامرات أجنبية» تصل إلى درجة الاعتقاد بأنه لا عمل لأحد في واشنطن أو لندن سوى التآمر على سوريا. وأصحاب هذه النظرية ينسون أو يتناسون أن أكبر متآمر علينا هو سلوكنا وطريقة تعاملنا مع القضايا، وأننا دائما نضع أنفسنا في مواضع محرجة، فإذا وقع الفأس بالرأس بسبب سوء تفكيرنا بحثنا عن متآمر خارجي.

وهناك فكرة أن لدى سوريا «أوراقا مهمة» في الشرق الأوسط وأنه لا أحد يستطيع أن يتحرك من دون سوريا، وهذا يفسر أن مجموع زيارات وزير الخارجية السوري لطهران تفوق كل زياراته للعواصم المهمة في العالم، وهذا يفسر كيف تم استدراج دمشق إلى معركة الرئاسة اللبنانية إلى أن خسرت حلفاءها اللبنانيين أو أحرجتهم، ووحدت الموقف الأميركي ـ الفرنسي بطريقة تفتقد إلى الذكاء.

وهناك فكرة أن أي إصلاح داخلي سيفسر وكأنه تراجع لصالح أميركا، من دون أن نسأل أنفسنا السؤال الأهم، هل الإصلاح الاقتصادي والسياسي هو فضيلة أم رذيلة، هل هو خير أم شر، فإن كان شرا فعلينا أن نرفضه سواء جاء من أميركا أو من جزر القمر، وإذا كان خيرا فعلينا أن نتبناه وندافع عنه.

مؤتمر حزب البعث السوري هو نموذج على كفاءتنا الكبيرة في إضاعة الفرص التاريخية، ونموذج على عدم قدرتنا على قراءة المستجدات في عالم اليوم، وهو في النهاية أمر محبط لكل الذين يحبون سوريا ويحرصون على استقرارها.