سعودية غلبانة

TT

أرسلت لي وساطات كثيرة، دموعها وتوسلاتها وضيق يدها وكلماتها، تطلب مني أن أكتب حكايتها ليقرأ أهلها قصتها، ويشعروا بمأساتها ويرحموها فقط.. ليرحموها ويفهموها ولا يكونوا هم والدنيا عوناً عليها لا معها. سألتها: وهل يقرا أهلك الصحف؟ قالت لا! كيف إذن ممكن أن يفهموك وتُحل مشكلتك؟

قالت: ربما يعرفهم أحدٌ ويخبرهم وينصحهم. ربما ربة العمل في مدرستها تقرأها وتكف عن مضايقتها وتهديدها بوقف تجديد عقدها كل عام، لأن وكيلة المدرسة غير السعودية تظن أن السعوديات (بطرنات شبعانات) لدى كل واحدة منهن سائق وخادمة وتملك هاتفا جوالا، وهن لسن بحاجة للعمل، كما تحتاجه المتعاقدات من غير السعوديات اللواتي يعرفن أن وكيلة المدرسة تساعد كل بنات جنسيتها بفتح أبواب المدرسة لهن وتستبدلهن عوضا عن السعوديات المرفهات.

ربما يقرأها مكتب العمل الذي لم ينتبه لهذه المدرسة التي عمرها أربعون عاما ولم يتدخل مرة لوقف هدر حقوق موظفاتها اللواتي لا يكتفى بالاستغناء عنهن بعدم تجديد عقدهن السنوي فقط، من دون التورط بكتابة خطاب يثبت وقفهن عن العمل، حتى لا تستخدمه المدرسة في الشكوى ضدهن في مكتب العمل، فالمدرسة تخاف من كل ما هو مكتوب، وحتى تضمن المدرسة حقها قانونيا فإنها تطلب من الموظفة تقديم استقالتها ليبدو الأمر وكان السعوديات هن اللواتي يستقلن عن طيب خاطر لا عن كسر خاطر; لأن الوكيلة تحضر بديلة من بنات جنسيتها التي حضرت هذا العام، ولا تجد عونا لها غير ابنة العم الشهمة.

تقص السيدة السعودية قصتها فتقول إنها تزوجت برجل جرى بينه وبين زوجته (حلف) أي (قسم) بأن يتزوج غيرها، فتزوجها برا بقسمه. زوجها أبوها حسب أعراف العائلة من رجل متزوج لأن زواج البنت سترة، وبعد ثلاثة أولاد انتهت مدة الحلف والوفاء به على ما يبدو، فطلقها الزوج.

عادت السيدة لوالدها تجر الأولاد الثلاثة خلفها، فلم يعترف بهم. قال: وما شأني بأولاد الغريب أربيهم. وطلب منها أن ترسل الأولاد لأبيهم، فهو غير ملزم إلا بها (ابنته). راتب وظيفتها (2500 ريال) حسب ما حدده قانون العمل الذي أثار غضب أصحاب رؤوس الأموال المستثمرين ووجدوه جائرا حين حدد الحد الأدني لأجور السعوديين، واعتبروه عدوانا، تصرف منه ثمانمائة ريال لمواصلات الليموزين ـ الذي توقفه من الشارع ـ شهريا، وخمسمائة ريال لوالدها!

سألتها: ولماذا تدفعين خمسمائة ريال لوالدك ولديك مصاريف؟ هل هو يحتاجها؟! قالت: لا.. ولكن ليتركني اذهب للعمل (رشوة يعني)، أما زميلتها الأخرى فقالت إن والدها يطلب منها ألف ريال إيجار لغرفتها التي تسكنها عنده، بينما لا يطلب من إخوانها الذكور. بقي من الراتب ألف وثلاثمائة ريال فتصرفها على أبنائها الثلاثة الذين يعانون من غربتهم في بيت زوجة أبيهم وإهمال والدهم لهم ولمشترياتهم التي لا يعبأ بها أحد.

سألتها: كيف ترفهين عن نفسك؟ قالت: جيبي خالٍ وليس فيه ريال لبند الترفيه، لكن يكفي لو زرت أختي في عطلة نهاية الأسبوع وتفرجت عندها على التلفزيون على اعتبار أنني بهذا «غيرت جو».

وماذا أيضا؟ هل هذه فقط مشاكلك؟ قالت: لا، مديرتي تلوح لي هذه السنة، مثل ثلاث موظفات أخريات، بأنها ستنهي عقدي، فماذا أفعل؟! قلت: صحيح إنكن يا السعوديات مرفهات ومشاكلكن سخيفة.

[email protected]