رجاء

TT

الدكتور غازي القصيبي وزير استثنائي نال من المحبة والاحترام الشيء الكثير، وهو انتقل من «شقة الحرية» التي كانت في السفارة السعودية بلندن مرورا بوزارة المياه حتى استقر به الحال في «عصفورية» وزارة العمل.

ومنذ وصوله لهذا المنصب الصعب واقتحامه معركة تحدي السعودة باسلوب لم يتعود عليه الكثيرون، وحجم الحوار والنقد والثناء لا ينقطع على ما قام بعمله لليوم. وفي مقال مهم له في «الشرق الأوسط»، نشر مؤخرا على صفحاتها، أوضح الدكتور غازي القصيبي فيه، وجهة نظر مهمة في ما يخص المسؤولية ومن يتحملها في شأن السعودة وتحدياتها، والمقال يحمل وبوضوح مسؤولية تأخر السعودة بشكل رئيسي على من «يتدلع من المواطنين والذين يسمحون عن كل شيء، ولكنهم يرفضون الحديث عن الأثر المدمر للعمالة الاجنبية المستخدمة، على تشغيل المواطنين». وهذه الجملة مهمة والى حد كبير سليمة للغاية، ولكنها مع شديد الأسف لا تظهر كل الحقيقة كما هو مطلوب ومنتظر.

نعم السعودة هدف أساسي خطير فلا أحد ينكر ذلك أو يشك فيه، ولكن من الذي يحارب السعودة حقيقة؟ إن مناقصات الصيانة والتشغيل التي تصدرها الوزارات المختلفة توظف أرتالا من مواطني دول العالم الثالث بأدنى الاسعار، لأن نظام المناقصات يعتمد على سياسة تسعير قصيرة النظر خالية من الحس والمسؤولية الاجتماعية المطلوبة.

فلو أن وزارة المالية اعتمدت سياسة تسعير للأجور «تحترم» السعودة وحقوق المواطنين السعوديين الطبيعية، لرأينا معدلات أجور أفضل بكثير مما عليه اليوم، ولكان بالامكان توظيف اعداد هائلة من السعوديين في الكثير من المشاريع الممنوحة من قبل الدولة للقطاع الخاص. ولكن طالما استمرت سياسة تحديد الاجور الصادرة من ادارة المناقصات بوزارة المالية سيستمر الحال كما هو عليه.

ولذلك آمل من الدكتور غازي القصيبي ألا يوجه اللوم الى طرف واحد فقط في معادلة السعودة الصعبة، وايمانا واعترافا وتأكيدا ان الكل في خندق واحد ويسعى لذات الهدف المهم، فلا بد أن يتحمل كل طرف مسؤوليته بدون مجاملة وبدون تأخير.

القطاع الخاص تقع عليه مسؤولية جسيمة في المشاركة في مسيرة السعودة فورا وبلا دلع، ولكن وضع حد لثقافة «الدلع» نفسها من لدن وزارة المالية بات مطلوبا ايضا.

[email protected]