تحميل مسؤولية

TT

في خضم تداعيات الأحداث الإرهابية المتتالية التي ابتلي بها المسلمون سواء بسبب وقوعها على أراضيهم أو بسبب تورط بعض المسلمين في تنفيذها، يستمر البحث الدؤوب والمضني عن أسباب تفشي الفكر التكفيري والانتحاري بالشكل الذي وصلت الأمور إليه. وبدأت السهام وأصابع الاتهام توجه نحو جماعة الإخوان المسلمين وأهم رموزها ومفكريها كسيد قطب ويوسف القرضاوي وحسن البنا.

وبالرغم من المنهج العنيف لجماعة الإخوان المسلمين والغايات السياسية المغلفة بالخطاب الديني وأسلوب «الغاية تبرر الوسيلة» الذي تتبعه، يبدو أن تحميل هذه الجماعة فقط مسؤولية كل ما يحدث فيه مبالغة كبيرة وقراءة منقوصة للواقع ولأحداث التاريخ. فالسؤال البديهي الذي يأتي على البال ويفرض نفسه هو كيف وصل الإخوان المسلمون لهذا الفكر وكيف تبنوه؟ هناك العديد من الأدبيات والآراء والفتاوى التي كتبت من قبل، تروج وتمجد للفكر الذي يفرق ويمزق ما بين أبناء الدين الواحد وذلك لأضعف الفروقات وأقل الأسباب.

اليوم تقوم باكستان بقراءة جديدة لكتب أبو الأعلى المودودي مثلا. وهذه الآراء «سمح» لها بالانتشار، وعادت اليوم كالوبال على الكثيرين من الأبرياء، وما ينطبق على رأي وكتابات أبو الأعلى المودودي ينطبق بطبيعة الحال على غيره من أصحاب الرأي في بلاد أخرى أيضا. وأبو الأعلى المودودي نفسه بنى بعض آرائه المتشددة على أقوال علماء كانت في وقتها تخالف آراء غالبية كاسحة من العلماء في وقتهم وزمانهم.

التعامل مع «الحالة» التي يعيشها العالم الإسلامي اليوم وأسلوب التعاطي معها يشبه المريض المصاب بحالة رشح شديدة، فيهتم أهله بالتركيز على علاج أحد أعراض مرض الزكام كالسعال مثلا غافلين ومهملين أساس المرض وهو الفيروس المسبب للمرض. جزء أساسي وأصيل من العلاج الفعال هو التشخيص السليم والكامل، لأنه من دون ذلك سيكون هناك تصور وبالتالي ناقص إخفاق في فعالية العلاج بدون نتائج فاعلة.

جماعة الإخوان المسلمين ونهجها فتنة هائلة أصابت الكثير من العالم الإسلامي بابتلاء عظيم لا تزال آثاره بيننا لليوم، ولكن تحميلها «كل المصيبة» وحدها هو رؤية ناقصة لمصيبة عظيمة. المراجعة الفكرية الجادة لا مجال للمجاملة فيها ولا مجال لأنصاف الحلول لأن سمعة المسلمين باتت على المحك، وهذا أمر يعني الكل.

[email protected]