مشروع انتحاري في العراق

TT

آخر ما كنا ننتظره من شخصية بحجم عبد العزيز الحكيم هي هذه الدعوة الخطيرة لإقامة فيدرالية شيعية في العراق. وأسوأ مناسبة يقال فيها هذا الكلام هي مناسبة كبيرة وهي استشهاد آية الله محمد باقر الحكيم ذلك الرجل الذي ضحى بروحه من اجل العراق وليس من اجل مشروع فيدرالية شيعية!!

اعرف عبد العزيز الحكيم جيدا، فلقد كان وأخوه الشهيد ضيوف الكويت في العشرة الأواخر من رمضان لسنوات عديدة اثناء حكم صدام حسين.

كان وأخوه ورفاقهم يشكلون بالنسبة لنا مشروعا مختلفا من عراق الطائفية، على الأقل هذا ما كنا نسمعه منهم في الديوانيات والحسنيات وكان آخر ما كنا نفكر فيه ان يكون مشروع المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق هو دولة طائفية مقسمة على اساس طائفي وعرقي!!

هل مثل هذه الأطروحات هي البديل الذي كان يحلم فيه العراقيون. هل كان من الضروري ان تقدم كل التضحيات ضد حكم الدكتاتورية والإرهاب والطائفية لتنتهي هذه التضحيات بمشروع انتحاري جديد يعيد العراق الى المربع الأول.

يقول امين عام منظمة بدر، الجناح العسكري للمجلس الأعلى إن «على الشيعة المضي قدما في إقامة فيدرالية في الجنوب وإلا سيندمون على ذلك». فسبحان الله ما هي هذه الدولة ـ الحلم او هذا الكانتون الذي سيحقق أحلام الشيعة، وبأية مواصفات حضارية يمكن ان تقوم دولة للشيعة او للسنة او للأكراد في العراق!!

لقد عانى العراق من العبث الذي مارسه صدام وبعده الارهاب الدولي داخل العرب السنة في العراق ونجحت بعض الأطراف الى دفع الأغلبية السنية من المشاركة في الانتخابات الأخيرة بهدف زعزعة التوازن السياسي والاجتماعي. ويعاني العراق من بعض غلاة ومتطرفي الاكراد الذين يريدون فيدرالية طائفية موزعة على اساس جغرافية القومية بديلا للفيدرالية الديمقراطية التي ضحى الاكراد من أجلها. وتأتي دعوة الأخ عبد العزيز الحكيم لتشكل لكل محبي العراق ردة عنيفة عن مشروع العراق الديمقراطي.

ندعو السيد عبد العزيز الحكيم، الذي نحبه ونحترمه، الى اعادة النظر في هذه الأطروحات الجديدة التي تشكل في النهاية مشروعا انتحاريا ربما يتم بنوايا طيبة.

ونقول للأخ عبد العزيز الحكيم اننا لم نخف على العراق منذ سقط صدام، لم نخف عليه من الارهاب الأسود، ولا من الخلافات السياسية. ولكننا نخاف الآن فعلا على العراق من اطروحات التقسيم ومشاريع الانتحار التي نتمنى ان يعود عنها السيد الحكيم وغيره من السياسيين العراقيين من كافة الطوائف.