حرب فلسطينية أهلية مقبلة

TT

بدا الرئيس الفلسطيني محمود عباس منكسر الخاطر وقلق البال ، عندما التقى ابن موسى عرفات بعد اطلاق سراحه وقتل ابيه. كان مشهدا محزنا ومخجلا، الرئيس عاجز عن اهله بعد ان استطاع اخراج اعدائه الاسرائيليين من غزة. ويعود السؤال من جديد : ألم يحن الوقت ليخرج القادة من محنتهم الداخلية التي تدور حول الصراع على السلطة والمواقع والمنافع، والا فان كل الكفاح لا قيمة له وسينتهي الى حرب بين الأخوة.

جاءت عملية قتل عرفات، على يد نحو مائة عنصر في مكان عام، صدمة للجميع، وكذلك خطف ابنه والتفاوض مع الخاطفين المعروفين بالاسم والمكان والتبعية.

ارادها منفذوها فضيحة، فجاءت بالفعل فضيحة على الجميع، صعقت كل من تابع الحدث. جاءت دليلا على ما كان الاسرائيليون يرددونه خلال الفترة التي تلت إلغاءهم نتائج اوسلو وإعادة احتلال ما حرره الفلسطينيون، بان السلطة لا تحكم وبالتالي لا معنى لأي اتفاق تعجز عن الوفاء به. تسبب تمرد الفصائل حينها في خسائر فادحة في الارواح والأراضي وكل ما أسسته السلطة الفلسطينية لمواطنيها فأغلق المطار، وتوقف بناء الميناء، ورجعت الدبابات والحواجز التفتيشية الاسرائيلية، وعاد الفلسطينيون يحاولون تحرير ما كان تحت سلطتهم.

إسرائيل أفلحت في إثبات ان الفلسطينيين بلا قيادة قادرة حتى قبل ان يغادر جنودها غزة بأيام، بل اثبتت انها عاجزة حتى عن حماية كبار مسؤوليها. ومهما قيل عن سيئات موسى عرفات، من اجل تبرير الصمت على قتله، فان الرسالة الأصلية قد وصلت، وهي ان السلطة لا تمسك بالشارع مهما انخرطت في مفاوضات، وظهرت في صور استقبال الشخصيات، وأطلقت بيانات وخطبا حماسية.

وما لم تحسم السلطة الأمر، فان سيناريو فشل اوسلو حاضر في الذهن، حيث يهدد التمرد المستمر كل ما تحقق، وما يمكن ان يتحقق في الضفة الغربية لاحقا. وما لم تحسم السلطة الأمر على عجل فإنها تؤجل المصادمة، لكنها قد لا تفلح في منع حرب أهلية ، وهو الأمر الذي يخيف الجميع في المنطقة.. فالكم الكبير من السلاح خارج مخازن السلطة، والتنازع على الصلاحيات والتنافس على الشعبية لن يصلح بنفسه، بل سيقود حتما الى معركة كبيرة ودامية، لأن المعارضة للسلطة اثبتت امرين، انها تملك ما يكفي للتخريب، ولن تتنازل من اجل سلطة موحدة لا تكون هي طرفا فيها.

وهنا على السلطة ان تحسم امرها إما بإشراك معارضيها بما سيعنيه ذلك لاحقا، او بمواجهتهم ونزع السلاح وتفكيك الفصائل والمنظمات. فاليوم قتل موسى عرفات بدعوى انه مسؤول فاسد وسيئ السمعة ، وغدا سيقتل غيره، ولن يعجز القتلة عن وصم ضحاياهم بألف سبب.

[email protected]