مرة أخرى .. لا تضيعوا الفرصة

TT

لن نمل من تكرار أنفسنا في الحديث عن الفوائض المالية الضخمة في دول مجلس التعاون الخليجي. فالأمم التي تضيع الفرص هي أمم تضيع المستقبل، وهذه الفوائض المالية الضخمة تحتاج الى رؤية وطنية عاقلة ومسؤولة تستثمر هذه الأموال للمستقبل.

لقد نجحت دول مجلس التعاون الخليجي في إقامة بنية تحتية من الطرق والمطارات والموانئ في فترة السبعينات حينما ارتفعت أسعار النفط. وهي الآن أمام فرصة اكثر من نادرة للاستفادة من الفوائض المالية الحالية عبر الابتعاد عن المشاريع الشكلية وغير التنموية، وعبر التقليل من التسلح، وعبر إقامة مشروعات اقتصادية منتجة تشكل رافدا للدخل القومي وفرصة للقضاء على البطالة.

لقد كانت تجربة الكويت منذ الستينيات حين بدأت بمكتب للاستثمار في لندن بمبلغ لا يتجاوز المائتي مليون جنيه، وانتهى هذا المشروع بمؤسسة كبيرة تمتلك الآن ما يقارب المائة مليار دولار على شكل استثمارات عقارية وصناعية وأسواق مال وسندات. وكانت تجربة السعودية في حقل التصنيع تجربة اخرى ناجحة، وأمامنا الآن مؤسسات بحجم سابك ومجمعات صناعية عملاقة في الجبيل وينبع. وتجربة الاستثمار القطري في حقل الغاز كانت أشبه بمغامرة شجاعة، ولكنها انتهت الى مشروع تنموي كبير استطاع إحداث تغييرات هائلة في المجتمع وفي الاقتصاد وتحديدا في حقول الاستثمار والتعليم. ولدينا تجربة إمارة دبي التي تستحق الدراسة.

الاستفادة من الفوائض المالية في خلق مجتمعات منتجة، وإحداث ثورة في التعليم والتدريب، هما الطريقة الوحيدة لتحرير دول التعاون من سيطرة النفط على حياتها كمورد وحيد للدخل، وهو مورد متقلب ومتوتر، وما يحدث اليوم ربما لن يتكرر. وعلى المدى الاستراتيجي هناك اسئلة جوهرية عن عمر المكامن النفطية، وعن البدائل، وغيرها من الاسئلة. المهم ان يتنادى العقلاء وان يفكروا بعدم إضاعة هذه الفرصة النادرة. والمهم ان نفكر بالمستقبل، بالأجيال القادمة، وأن نبتعد عن التفكير الاستهلاكي والأناني.