دموع جديدة على ما يجري في العراق

TT

بات من الواضح أخيرا في الكونغرس وربما حتى في البيت الأبيض بأن أميركا لا يمكن أن تربح الحرب في العراق.

والسؤال الوحيد الذي ما يزال يتعين طرحه هو كم من الأشخاص الأميركيين يجب أن يضحوا بحياتهم في كارثة جورج دبليو بوش العظمى.

لقد سقطت العجلات من العربة في العراق فيما يتمسك فقط أولئك الذين يقفون في النقاط الأبعد للرفض بوهم انتصار أميركي على التمرد.

وقد انتقد الجنرال ريتشارد مايرز، الذي تقاعد يوم الجمعة الماضي من منصبه كرئيس للأركان المشتركة، الأداء هناك وبصورة علنية في اجتماع للجنة القوات المسلحة عقد الأسبوع الماضي، من جانب السناتور جون ماكين من أريزونا، الذي كان على الدوام من مؤيدي الحرب المتحمسين، فأعلن ماكين على نحو فظ ان «الأمور لم تسر كما خططنا أو توقعنا، ولا على النحو الذي ابلغتنا به أيها الجنرال مايرز». فأجاب الجنرال: «لا أعتقد أن هذه اللجنة او الشعب الأميركي قد سمعوني أقول إن الأمور تسير على نحو جيد جدا في العراق».

وكانت الأحداث الرهيبة في العراق خلال الأشهر الماضية قد واجهت الظلال الداكنة في الاعلام الأميركي، على نحو مفهوم، جراء ما تعرضت له نيو أورليانز وأمور أخرى مرتبطة بإعصاري كاترينا وريتا. وقد ظهرت نغمة متشائمة يوم 31 أغسطس عندما قتل ما يقرب من ألف شخص على جسر الأئمة ببغداد، وقد أثارت ذلك الذعر اشاعات عن وجود مفجر انتحاري وسط الحشود.

ويمكن أن يستمر العنف دون توقف ، ففي مساء السبت 17 سبتمبر استخدم متمردون جهاز الاستشعار عن بعد لتفجير سيارة مفخخة في سوق مزدحم بضواحي بغداد. وقتل ما لا يقل عن 30 شخصا. وقتل 12 أميركيا بينهم مساعد في وزارة الخارجية وثمانية جنود، في سلسلة من الهجمات في الفترة من 19 وحتى 23 من سبتمبر.

والى ذلك فالرئيس الذي نام عبر الأيام الأولى من أحزان نيو أورليانز يمشي في نومه عبر الأحزان التي لا تنتهي في العراق. وخلال ظهور له في قاعدة بحرية بولاية كاليفورنيا شخّص بوش الحرب التي بدأها في العراق باعتبارها المعادل الأخلاقي لصراع اميركا ضد النازيين واليابانيين في الحرب العالمية الثانية.

واذا كان ذلك صحيحا فانه لا بد من تعبئة البلد بأسره. ولكنه ليس صحيحا بالطبع. فهذه حرب طائشة لا يمكن تبريرها..

وحتى المدافعون الأكثر تزمتا عن هذه الكارثة يصلون الى الاعتراف بأنها لعنة. وهكذا فان الخط السائد الآن هو أنه سيتعين على العراقيين في مرحلة معينة ان يتحملوا عبء حرب بوش وحدهم.

وفي يوم المواجهة بين ماكين ومايرز قتل ما يزيد على 100 شخص في سلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة في مدينة بشمال بغداد. وقتل خمسة جنود اميركيين بقنبلة مزروعة على جانب الطريق في الرمادي. واعترف جورج كيسي، الجنرال الأميركي المسؤول عن القوات الأميركية في العراق أمام لجنة القوات المسلحة ان واحدة فقط من كتائب الجيش العراقي البالغ عددها 86 قادرة على خوض قتال ضد التمرد دون مساعدة أميركية.

ويتسارع عدد الضحايا الأميركيين في العراق نحو ألفين. ولو أن الناس استطاعوا أن يروا المذبحة عن قرب بالطريقة ذاتها التي رأوا فيها رعب نيو أورليانز فسيكون الغضب عارما.

انتم لا تريدون القول ان أفراد القوات الشجعان ماتوا من اجل أشياء لا معنى لها قامت بها زمرة مخادعين وسياسيين حمقى، ولكن ما هو الشيء الآخر الذي يموتون في سبيله ؟

ولكن ماذا بشأن كل أولئك الرجال والنساء، بل والذين بالكاد تجاوزوا مرحلة الطفولة، ممن يعانون من الأرق في الليالي ويصعب عليهم تحريك اجسادهم المجروحة والمحترقة والمشلولة ؟ وما الذي نقوله لهم وهم يضطجعون هناك عاجزين عن تحمل الألم أو مقاومة الكآبة، بل وقد بدأوا يدركون الرعب الذي حل بهم ؟

ماذا نقول لهم حول هذه الحرب التي أنزلها البلد عليهم دون مبرر معقول أيا كان ؟

* خدمة نيويورك تايمز