أربعائيات ـ العودة لسيدة البحر..!

TT

أعود لسيدة البحر.. فقد أبحرت سفني في المحيطات والأرخبيلات، كانت رياحا تهز الصواري، ولا شيء في الأفق اللازوردي يوحي إلى قلب أمي، لا شواطئ، إلا النزير من الحلم والهذيان.. وفي لحظة الحزن والغثيان تذكرت سيدة البحر..! فللبحر سيدة من بهاء جميل تحط الطيور على كتفيها ويجتمع الورد في وجنتيها.. على عرشها يجلس الطيبون ومن حاصرتهم شقاواتهم.. يفرشون ويفترشون عذاباتهم.. يبيعون فوق الرصيف قلوبا جميلة.. بخورا وطيبا وشيئا من اللغة المستحيلة..!

أعود لسيدة البحر بعد سنين..أخاطبها أردد نفسي بنفسي كأني أقول كلاما جديدا.. وليس لسيدة البحر شيء جديد.. كل ما في اصطلاحاتنا من جمال سردناه مثنى، ثلاث، رباع، وقاموسنا لم يعد يتحمل ....

هنا يدخل الناس في رونق من بهاء جميل، تعود الطيور لأعشاشها مطمئنة، وطير يغادر سربا تشرد منفردا من سراب إلى واجهات فنادق تحمل خمس نجوم على كتفيها فيهرب منها.. إليها..!

يقول كلاما كثيرا ولا يتذكر منه القليل..

هو الهذيان يعود إلينا، فسيدة البحر تعطي الحياة وقد خذلتها الحياة..!

كنبع حزين يوسخه العابرون فلا يأبهون ولا ينصتون ولا يفرحون ولا يحزنون..!

يمر الزمان طويلا كحزن الأحبة، جميلا كريها فلا يتذكر منه سوى انه مر في لحظة نادرة.. وسيدة البحر في لحظة نادرة، تحط الطيور على كتفيها، تعود البحار إليها.. وسيدة البحر في لحظة الصمت والهذيان تعيد قراءة قاموسنا. ترتب أحزاننا.. وترفع أشرعة من بهاء جميل على سفن هدها البحر والموت والزمن المستباح..!

وسيدة البحر تمسك بوصلة البحر، تدرك أن المحبين في لجة البحر في لجة..! وأن التوحد يلغي الأنا، وشيئا فشيئا.. نغادر أجسادنا.. وسيدة البحر تمزج أرواحنا..! هنا نكتفي..!

كل شيء لنا..! بدايتنا من هنا..! نهايتنا من هنا..!