أن تلعب صغيرا: هذا أسلم

TT

الحيوان يلعب والإنسان أيضا.

واللعب نشاط طبيعي، أو صرف لفائض الطاقة عند الإنسان، وفي اللعب عمل إيجابي وفيه أيضا خيال، وفيه تعبير صامت. وأحيانا نجد الطفل يتحدث إلى اللعبة، ويلفت نظر أبويه، ويشتركون معه، فاللعب نشاط اجتماعي أيضا.

واختلفت الألعاب عن أيام زمان، ونحن صغار كان الواحد منا يركب عصا متوهما أنها حصان، وكان أهلنا يهنئون أنفسهم بأننا سوف نصبح فرسانا، أما اليوم فيكفي أن ندخل محلات اللعب لنرى الثراء والنبوغ الذي يعيشه طفل اليوم، وهذا إذا لم يكتف بألعاب الكومبيوتر والموبايل والبلاي استيشن.

وكان للزعيم النازي هتلر نظرية وهي: القوة عن طريق المرح، أي عن طريق الألعاب الرياضية والفروسية.

وكان هتلر يسمي ذلك لعبا، والحقيقة أنها تدريبات عسكرية أو على البطولات العسكرية من خلال الاستعراضات والألعاب، فاللعب غريزة ولكن اللعب العنيف هو تطوير لذلك!

وأهل اليابان يقولون إنهم تأخروا في اللعب، فتقاليدهم تحتم عليهم أن يكونوا رجالا في سن صغيرة، وشكوى اليابانيين: انهم دخلوا مرحلة الرجولة قبل ان يشبعوا من الطفولة، ولذلك فمن المألوف أن نجد الرجل الياباني إذا تحدث تعمد أن يكون صوته غليظا، بينما صوت المرأة اليابانية ناعم حريري لا يمس أذنا ـ وهذه هي أهم معالم الأنوثة؟!

ولكن اليابانيين هم ابرع من قدم لعب الأطفال، فأطفال العالم يلعبون.. يلعبون على الطريقة اليابانية، بينما أطفال اليابان لا يلعبون.. لقد أرغمتهم التقاليد على أن ينسوا أنهم أطفال، أو عيب أن يكونوا أطفالا، فالتقاليد اليابانية كانت كالتقاليد الرومانية والتقاليد النازية: الرجولة المبكرة، والروح العسكرية، اما اللعب واللهو، فقد جاء في مرحلة متأخرة، أي أن الرجل الياباني الذي أرغموه على الرجولة، يستأنف اللعب واللهو والخمر والإدمان.

وفي كل مرة أسافر إلى اليابان اسمع شكوى واحدة: غلطنا عندما فرضنا على أنفسنا الرجولة المبكرة، ولذلك نحن حريصون على أن يلعب أطفالنا وان يعيشوا سنهم والقاعدة: من لا يلعب صغيرا لا بد أن يلعب كبيرا.. ولعب الكبار أخطر كثيرا!