الهدف صحيح والمبررات خاطئة

TT

القصة تقول ان ابن الشيخ الليبي، القاعدي المعتقل عند الأمن الباكستاني، ضلل الحكومة الاميركية. ابلغهم بوجود علاقة استراتيجية بين تنظيم القاعدة ونظام صدام حسين، وان رفاقه يتدربون على ايدي عراقيين على اخطر الاسلحة، السموم والغازات.

وقيل لأن ابن الشيخ كان أهم صيد من التنظيم يمسك، قبل اربع سنوات، صارت روايته المرشد السياسي للحرب التي ستشن لاحقا على العراق.

هذا بالنسبة للسبب، اما الحرب نفسها وإدارتها فيروى ان أحمد جلبي، المصرفي الهارب، كان المرشد الاستراتيجي للتعامل مع العراق بعد احتلاله. فقد اوقعت افكاره الاميركيين في مصائب جمة، ابرزها حل الجيش، وبسببه ناصبوا العداء لثلث مليون عسكري محترف القتال، ومعهم عداء نحو خمسة ملايين تضرروا كأفراد وعائلات، من عقوبة التسريح الجماعية المدنية والعسكرية.

هاتان روايتان محل نقاش مستفيض اليوم، حول صواب او خطأ غزو العراق. ورغم أهمية الكشوفات الجديدة، الا ان الأدلة لا تدين الحكومة ما لم توجد مخالفات قانونية. فهناك فارق بين سوء التقدير واساءة استخدام الأنظمة، ومعظم الاكتشافات الجديدة تؤيد الأولى. حتى قصة يورانيوم النيجر، الذي قيل انه بيع لصدام، واحد من الادلة الضعيفة التي اعتمد عليها لبناء قرار الحرب. القرار اتخذ بدعوى ان العراق استمر نظاما عدائيا يرفض التغيير، ولا بد من التخلص منه، وكل ما احتوى عليه ملف التبريرات مجرد تبريرات اضافية. فعراق صدام لم يكن البحرين او المغرب بلدا مسالما، بل كان يخشى من كل اشارة تصدر عنه. ومهما اظهرت الايام اللاحقة من ادلة على سوء التقدير، وسوء الادارة، ورغم اثبات انه كان قرارا خاطئا في تبريراته، الا انه لا يؤسف على اسقاط نظامه، فقد بدد النظام عقدا من الزمن لم يتغير فيه الى الأفضل. باتت المواجهة حينها معه محتومة، لأن الحرب توقفت ولم تنته في عام 92.

الحقيقة الأكيدة، بغض النظر عن الأدلة والأساليب والمرافعات المحلية والأممية، انه كان نظاما وحشيا لم تعرف منطقتنا، على تاريخ سوء الممارسات الحكومية فيها، بشاعة مثله. قد يكون ضحية اكاذيب حول سلاحه المحظور واعترافات مضللة عن علاقته بالقاعدة ونياته المستقبلية، لكنه ليس بريئا ولم يخف ظلمه على الكثيرين، الا من قلة كانوا يعيشون على كوبوناته النفطية.

حتى في سنوات الحجر الاقتصادي عليه، والضغط العسكري ضده، لم يتورع عن تهديد جيرانه وإساءة معاملة مواطنيه. ومن يقول ان الأدلة ضعيفة ضده، حينها عليه الا يغفل وجود جبال من ادلة جديدة على سوء ممارسات النظام في حوزة تحقيقات الامم المتحدة. آلاف الصفحات من الوثائق تشرح كيف بدد اموال النفط على شراء ذمم الشركات والحكومات، بهدف خرق الحصار من اجل شراء معدات ممنوعة وأصوات سياسية، بدل شراء حليب الاطفال الذي كان مسموحا به، وأدى تحايله الى وفاة الكثيرين بسبب نقصه.

[email protected]