العرب المراهقون!

TT

يعقد في دار الأوبرا بالقاهرة هذه الأيام مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية الرابع عشر، ويعد هذا المهرجان من أهم المهرجانات العربية الفنية إن لم يكن أهمها على الإطلاق، ويشارك فيه هذا العام نخبة من أهم الفنانين المصريين والعرب أمثال: محمد عبده ولطفي بوشناق وهاني شاكر ومحمد ثروت ومدحت صالح وآمال ماهر وليلى حجيج وغيرهم، وكنت أتوقع أن مهرجانا بهذه النوعية يمكن أن يتسابق إليه الرعاة حتى صدمتني الدكتورة رتيبة الحفني أمين عام المهرجان عبر إحدى النشرات باتهامها الصريح جدا للرعاة بأنهم يلهثون خلف برامج العراة ويرفضون دعم المهرجانات الجادة، إذ تقول: «خلال إعدادي للمهرجان اتصلت ببعض الرعاة ووجدت نفسي أمام أناس لا يعرفون قيمة الأشياء، وزاد من غضبي أنني كلما شاهدت برنامجا تلفزيونيا خليعا، واستمعت لصوت نشاز، ورأيت كليبات عارية، أجد أسفل الشاشة اسم هؤلاء الرعاة، وهم أنفسهم الذين اعتذروا عن عدم دعم المهرجان، وهذا يعني أن الأمور تسير نحو الأسوأ».. وتضيف: «هل المطلوب منَي أن أدعو الأصوات العارية وهو ما لم ولن يحدث لكي يرضى عنا هؤلاء الرعاة، وأقول لهم حان الوقت الذي يجب أن تعلموا فيه أن الاسرة المصرية أصبحت في حالة قرف مما يحدث على الساحة، وأنتم أحد أسبابه، أنتم الآن تلهثون خلف العاريات وترفضون دعم المهرجانات المحترمة».

والحق أن ما قالته الدكتورة رتيبة الحفني ــ أو الجنرال كما يلقبها البعض ــ يمثل أحد أسباب أزمة الفن العربي، فالكثير من هؤلاء الرعاة يتحملون مسؤولية التردي الذي تعيشه الأغنية العربية، حينما تحولت من أغنية تسمعها الآذان إلى جسد تنهشه العيون.. وهم المسؤولون عن انحدار الذوق الفني بتهافتهم على رعاية برامج «الهشَك بشَك» دون حياء من الله ولا من خلقه. وقد جمعتني دعوة عشاء مع فنان خليجي كبير، فسألته عن سر غيابه عن جل القنوات الفضائية الفنية، فقال بمرارة: «لا مكان لي في غابة العراة، ومن الأفضل أن أذهب طوعا إلى المتحف الفني بدلا من أن أتسول المستمع المشاهد بكتيبة من العاريات عبر فيديو كليب يتصف بالسقوط الأخلاقي، فأنا أخجل أن أتحول من فنان إلى (.....)، وبالتالي فقد آثرت أن اقف على رصيف الانتظار لعل زمنا يأتي يفيق فيه الناس من موجة الجنون فيجدونني في انتظارهم».

ونحن هنا نقول للجنرال رتيبة الحفني أمين عام مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية: ليست الأسرة المصرية وحدها التي وصلت درجة «القرف»، فالأسرة العربية كلها «من الشام لبغدان، ومن نجد إلى يمن، إلى مصر فتطوان» تعاني من نفس الحالة، وهي ترى أموال الرعاة من سادة «البزنس» تصب بجنون على برامج «نصف كم» و«ربع فستان».. وكأن دراساتهم الاقتصادية تشير إلى أن العالم العربي مساحة جغرافية كل سكانها من المراهقين!!

[email protected]