ذئاب تحسن الاختيار!

TT

عادت الذئاب المتوحشة لتهاجم بيروت مرة أخرى. جبران تويني، هذا الفارس الجميل هاجمته الذئاب المتوحشة. فالذئاب لديها قائمة ضحاياها، ذئاب متوحشة حاقدة كريهة، لكن علينا ان نعترف بأن لديها قدرة عظيمة على اختيار ضحاياها بعناية فائقة!

الذئاب البشرية المتوحشة لا تقتل الجبناء ولا المرتزقة ولا المتسكعين على أبواب السفارات والمخابرات، ولكنها تختار أجمل ما فينا، وأشجع ما فينا، وأكثرنا تضحية وإنسانية، لذلك اختارت قائمتها بعناية كبيرة، اختارت الحريري، جورج حاوي، سمير قصير، وجبران تويني!

جبران تويني كان شجاعا عندما كانت الكلمة الشجاعة صعبة ومكلفة، عندما كانت بيروت تحت الحصار، تمسك بها الأجهزة القمعية والأمنية.... كان، وكانت معه النهار، وكانت معه المظلة الكبرى، غسان تويني قلة من المقاتلين في زمن الارتزاق والمهانة وأجهزة القمع والاستخبارات، فالرجال والنساء العظام هم الابناء الشرعيون للزمن الصعب، هم القادرون على التحدي في زمن يصعب فيه التحدي، هم الذين حملوا أرواحهم على اكفهم وراحوا يمارسون مغامرة مجنونة من أجل وطن صغير جميل يتم إذلاله وإهانته!

هل سمعتم بأمة مغامرة وصلبة كهؤلاء اللبنانيين المجانين. كل الحراب وكل الجيوش تكسرت على أبواب بيروت، كل عمليات البيع والشراء والارتزاق والارتهان خسرت معركتها مع اللبنانيين. وكانوا يقولون لنا ونحن صغار ان اللبنانيين «شاطرين» في التجارة، وكانوا صادقين، لكننا اكتشفنا بعد أن كبرنا ان اللبنانيين «شاطرين» في المواجهة وأنهم أحفاد النبي أيوب، لديهم قدرة هائلة على الصبر والاحتمال، ولكنهم أيضا أبناء القدرة على البقاء والاستمرار ونموذج للقدرة على التصدي والتضحية! كلما اختارت الذئاب البشرية شخصا في قائمة التميز والإبداع كلما اقترب اللبنانيون من بعضهم البعض، وكلما اقترب فجر حرية هذا البلد العنيد الجميل!

افتقدنا الصديق الجميل.. المحزن أنني لن أتمكن من الاتصال به بعد الآن، لن يصرخ في وجهي وهو يدعوني على «فنجان قهوة» في النهار! كيف سأطالع وجه مظلتنا الكبرى غسان تويني، كيف ستكون النهار، وكيف ستكون الصحافة اللبنانية بعده!

عليك السلام أيها الراحل الجميل!