الفقر: ألوف ملايين الرجال!

TT

لو كان الفقر رجلاً لقتلته ـ عبارة نسبت إلى حكماء كثيرين.. والمصيبة أن الفقر ليس رجلاً وإنما ثلاثة آلاف مليون رجل وامرأة وطفل من سكان كوكب الأرض.

ويقال إن رجلاً ذهب إلى عمر بن الخطاب قال له:

الفقر مر المذاق

من أجله وقفنا على الطلاق

ما عندكم ينفد

وما عند الله باق..

ويقال إن رجلاً آخر ذهب إلى عمر بن الخطاب فقال له:

يا عمر الخير جزيت الجنة

اكس بنياتي وأمهن

وكن لنا من الزمان جنة

اقسم بالله لتفعلنَ..

فقال له عمر: وإذا لم أفعل يكون ماذا؟

فأجابه:

تكون عن حالي لتسألن

يوم تكون الأعطيات هنة

وموقف المسؤول بينهن

إما إلى نار وإما جنه!

ويقال الكثير عن الذي فعله عمر بن الخطاب.

وقد رأى أحد المفكرين الألمان الذي عايش الطاعون في أوروبا في منتصف القرن التاسع عشر فشل ثورة سنة 1848. قال: إن الفقر ليس في الجيب والمعدة والعقل فقط. هذا المفكر اسمه رودلف فورشوف. ربما كان أول من قال إن وراء كل ويلات الدنيا وعذاباتها شبحا واحدا قائما قاتما: هو الفقر. فالفقير لا يملك طعاماً ولا مسكناً ولا هواء صحياً ولا قدرة له على أن يتعلم ولا أمل عنده. والحصيلة: اليأس والإحباط. وهذا اليأس هو الأب الشرعي لكل أنواع الغضب والثورة.

وقال فورشوف أيضاً: أن تكون فقيراً هذا صعب، وان تكون شريفاً أيضاً هذا أصعب، ولا حرية لفقير. ونابليون هو الذي قال: إن الشعوب كالأفاعي تزحف على معدتها. ولم يولد الإنسان ليكون جائعا.

يقول فورشوف في كتاب ظهر أخيراً: أمام أي اضطراب وأية فوضى فتش عن شيء واحد. عن الفقر أين يكون في هذه الصورة المخيفة! وإذا كان كارل ماركس قد قال: كما تأكل تكون، فإنني أقول: كما لا تجد تكون. فمن الممكن أن يأكل الفقير وأن يعيش. ولكن مشكلة الفقير ليس ما يجده أمامه وإنما ذلك الذي يتكدس أمام الأغنياء وما زاد عنهم يرمونه للكلاب!