.. وفرنسا مع محاربة التطرف

TT

بعد أسابيع قليلة من حرب حرق السيارت أجاز البرلمان الفرنسي للأمن حق التنصت، وأباح للحكومة حق نزع الجنسية من كل من يثبت تورطه في الارهاب، واعلن رسميا ملاحقة المواقع الاصولية المتطرفة والارهابية، ووافق على تجميد اموال من يشتبه في علاقتهم به ايضا.

وعندما نتحدث عن نزع الجنسية فذلك تلقائيا يرمز للفرنسيين من اصول عربية وعددهم يتجاوز الاربعة ملايين مغاربي وشرق اوسطي. وما كان البرلمان الفرنسي ليسمح بهذا القانون القاسي لولا أن فرنسا خائفة كثيرا بعد تفجيرات لندن، ثم محارق السيارات الشهيرة في ارجاء فرنسا. يضاف الى هذا التحذير الوارد من الامن الفرنسي ان المتطرفين تغلغلوا في رحم الجالية المسلمة في فرنسا وانجبوا تنظيمات عنف ستشعل البلاد قريبا وباتت تعتقد انه لا بد ان تدق نواقيس الحذر قبل ان تبدأ حفلات العنف.

من كان يتصور ان يبلغ مستوى التهديدات حد نزع الجنسية ؟

أمر لم يخطر على بال لولا أن الارهاب أدخل الرعب إلى قلوب الجميع حتى في بلد امتنع عن اتخاذ المواقف المعادية وتبنى غالبا موالاة صريحة لمعظم قضايا العالم العربي. ومع هذا صوتت اغلبية اعضاء البرلمان الفرنسي الى جانب القانون القاسي لأنها تظن أن حرب الارهاب في فرنسا آتية ولا بد من تقديم العون قانونيا للجهات الامنية ضد المتطرفين.

عمليا نجح المتطرفون في تدمير الحقوق الاساسية للانسان العربي والمسلم في كل مكان من العالم حيث لم يعد يشعر بالأمان حتى عندما يحمل جنسية البلد ويولد اطفاله على أرضه، وهي مسألة كانت الى البارحة مقدسة لا يستطيع انسان مهما علا شأنه التفكير في نزعها. ما فعله الارهاب والتطرف بالمسلمين في كل مكان من العالم يعجز الانسان عن تخيله من قبل. وهو اعظم ضررا مما فعله اكثر اعداء المسلمين كراهية، فلماذا حدث هذا كله ؟

الحقيقة ان المشكلة ليست في الارهابيين ولا غلاة المسلمين، لأن موقف هؤلاء معروف ولا يمكن محاسبة الاغلبية المسالمة بسببه، لكن ما حدث بعد ذلك أمر أسوأ من التطرف والارهاب ألا وهو تزايد أعداد المغرر بهم وتنامي حجم المدافعين والمتسامحين مع الارهاب والتطرف.. هذا الذي قلب العالم ضدنا وجعل اكثر المحرمات تخرق وتتبناها اكثر دول العالم تسامحا ودفاعا عن الحريات.

لماذا ؟

كتب احدهم مجيبا ان اربعة ملايين تتنامى بينهم افكار من هذا القبيل لا تدع مجالا للاغلبية سوى تبني التشدد ضد التطرف حماية للاقلية والاغلبية على حد سواء. وبكل اسف ليس هناك من خيار سوى ان نوافقهم على ذلك على أمل ان تزول هذه الغمامة.

[email protected]