يحدث في جدة

TT

ماذا يُبحث في جدة؟ وماذا يفعل الأمير سعود الفيصل في باريس؟ ولماذا سافر الرئيس حسني مبارك إلى السعودية ثم الى باريس؟ وماذا يفعل في جدة منذ بضعة ايام رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري؟ هناك جواب واحد يمكن ان نقرأه في الرسالة المشتركة التي وجهها الملك عبد الله والأمير سلطان حول مهمة بلدهما ودوره بين الأمم.

لا يمكن للسعودية ان تتصرف حيال أي أزمة من أزمات الأمة وكأن الأمر لا يعنيها، أو كأن ليس لها مسؤولية مباشرة في دفع كل خطر: من وساطة الملك عبد الله المباشرة في الجزائر قبل سنوات الى دوره في مسألة «لوكربي»، الى الدور الحالي في الازمة السورية ـ اللبنانية المتفاقمة، الى رعاية المحادثات اللبنانية ـ اللبنانية المعقدة، مرورا طبعا باستقبال الرئيس بشار الأسد، أو إيفاد كبار المبعوثين إليه، كالأمير سعود الفيصل والأمير بندر بن سلطان.

وتتعدى المسألة بوضوح، مشاعر السعودية حيال اغتيال رجل تكوّن حجمه السياسي والمالي في رعايتها، أي الرئيس رفيق الحريري. تتعدى المشاعر إلى المسؤولية الإقليمية الكبرى، بحماية المنطقة من التدهور إلى تفجر مصيري آخر كالذي يحدث في العراق، وردّ اللهب عن بلد سريع العطب والاشتعال مثل لبنان، ولكن دون تضييع او تمييع المسؤولية في ما اصابه من نوائب وكوارث ومآسٍ.

والمهمة ليست سهلة. ولا شك أن مصر شاركت في جزء أساسي من المساعي، سواء في رحلات الرئيس حسني مبارك أو في استقبالاته. وفي سابقة غير مألوفة امضى عدد من السياسيين والمسؤولين اللبنانيين اقامة غير معتادة، في محاولات الوصول إلى حل على صعيد الازمة الحكومية. فمنذ أيام ورئيس السلطة التشريعية ورئيس السلطة التنفيذية بعيدان عن مقارهما. والرئيس نبيه بري ليس في جدة بصفته الدستورية وحدها بل أيضا بصفته زعيم حركة «أمل» وحليف «حزب الله» في الحكومة التي خرجا منها إلى الاعتكاف. وكذلك الرئيس السنيورة يحمل صفته الدستورية وصفته السياسية كجزء من تيار «المستقبل» وإرث رفيق الحريري. وقد انضم اليهما وزير الاعلام غازي العريضي موفدا من كتلة وليد جنبلاط لكي لا يبدو أن بري والسنيورة يعقدان صفقة غامضة في غياب الآخرين.

هذا هو العالم العربي منذ أن افقنا عليه: دول تتشاجر، ودول تتوسط. وتقوم السعودية بدور واحد هو الوساطة خرجت عنه مرتين: الاولى عندما وقفت جيوش عبد الناصر على حدودها، والثانية عندما اقتحم جيش صدام حسين تلك الحدود. وما عدا ذلك، راجعوا رسالة الملك عبد الله والأمير سلطان في الاضحى. وكل عام وأنتم بخير.