الذين لا يعرفون الإجازة!

TT

في حفلة عشاء على شرف ولي العهد المغربي ـ الملك الآن ـ قابلت السيد علاء مبارك ابن الرئيس مبارك. قلت له: عندي رسالة للرئيس، لماذا لا يأخذ إجازة أسبوعية وسنوية يستريح فيها، ويستريح الوزراء أيضاً.

وقلت: إن الرؤساء الذين يحكمون الكرة الأرضية والكواكب أيضاً يصيدون الأسماك ويركبون الخيل، والإجازة مقدسة، واليهود، لكي يجعلوا الإجازة مقدسة، قالوا: إن الله خلق العالم في ستة أيام واستراح في اليوم السابع الذي أصبح راحة لكل الناس، أو يجب أن يكون. وسألته: هل يمكن أن تنقل هذه الرسالة إلى الرئيس، فأجاب: سوف أفعل.

ثم التقيت بالسيدة سوزان مبارك وقلت لها: يبدو أنني سوف أقنع الرئيس بأن يأخذ إجازة، وسوف يتبعه الوزراء ويتبع الوزراء المديرون وبقية موظفي الدولة.

وضحكت السيدة سوزان مبارك وقالت: ياه.. ايدي على كتفك، نحن نحاول ذلك من ثلاثين عاماً ولم نفلح!

وعرفت من زملاء الرئيس في الكلية الحربية أنه لم يكن يغادر الثكنات ولا يعطي نفسه إجازة لا أسبوعية ولا سنوية.

والتقيت بالرئيس مبارك وقلت له: يا ريس أنا بعثت لك رسالة مع علاء مبارك فما رأيك؟

وبدت الدهشة على وجهه وخيل لي أن علاء مبارك لم يبلغ والده، فأعدت ما قلته من قبل، واندهش الرئيس وسألني: يعني إيه؟ يعني إيه إجازة، وماذا أفعل بهذه الإجازة؟ قلت: ولا حاجة يا ريس!

لقد انضبطت حياته على أن يعمل كل يوم ولا معنى للإجازة، وعرفت أن كلمة «الإجازة» أو «ويك إند»، ليست موجودة في اللغتين الصينية واليابانية، وأن اليابانيين لم يعرفوا الإجازة إلا في ظل الاحتلال الأميركي.

وأعجبني توني بلير رئيس وزراء بريطانيا، فقد أصر على الإجازة، وعابوا عليه أن هناك مشاكل في الحزب بينه وبين الوزراء، وتمسك بإجازته هو وأولاده، وعندما كانت زوجته حاملاً بأصغر أبنائه طلب إجازة وضع، أي إجازة حتى تضع زوجته طفلها، وقالوا كثيراً، واستنكروا، ولكن من حقه أن يأخذ إجازة، وأخذها حتى ولدت زوجته.

وأطباء الصحة النفسية والعقلية يرون أنه لا بد من الراحة، لا بد أن توقف نشاطك الجسمي والعقلي والنفسي، أي لا بد أن تريح نفسك من نفسك، أو تريح جسمك من عقلك، وأن تريح عقلك من كل شيء، والحديث النبوي الصحيح يقول: إن لبدنك عليك حقاً.

والذي لا يأخذ إجازة بالذوق يأخذها بالقوة، أي بقوة المرض الجسمي أو النفسي. أقول قولي هذا وأنا لا أعرف كيف استدرج نفسي إلى اللاعمل واللافكر.. مع الأسف!